وظائف خالية

المشير ودستور البريستو والخروج الغانم

حمدين صباحي وهالة سرحان والشغل "بجد"
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
هل يجب أن يعتذر الإخوان المسلمون؟

المشير ودستور البريستو والخروج الغانم

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية


"كامل" بن عمي كان يسبب إحباطا ليس لي فقط وإنما لبطل القرية في "فَرْك الكفوف"، مع أنه كان في الخامسة من عمره فقط ويصغرنا بثمان سنوات. شعب مصر الآن، مَثَلُه مَثَلُ بن عمي البطل هذا، يتعرض لأعنف صراع إرادة بما يفجره عليه المجلس المباركي الأعلى لإجهاض الثورة من فوضى وتعذيب بالإهمال وإساءة الحال، سواء في الغلاء الفاحش أو الجرائم أو الحرائق المفتعلة أو البنزين والسولار والبوتاجاز أو تهريب الأموال أو تنمية الزبالة أو وقف الخدمات وتعطيل المرافق أو بث الفتنة بين القوى السياسية أو أخيرا، وما زاد الطين بلة وبكل فُجْرٍ ولا حياء، محاولة احتلال الأذرع السياسية لجماعة إخوان مبارك لكرسي رئاسة الجمهورية.

يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. هل يعتقد هؤلاء أن الله سبحانه وتعالى سينصر هؤلاء الظلمة على عباده المظلومين المساكين وهم يدعون ويستغفرون؟ واللـــــــــــــــــــه لن يحدث. حق الله وبرهان التاريخ يقولان ذلك. عندما تظهر بعض معالم النصر الشعبي الرباني، القادم بإذن الله، ترتعد فرائص المجلس الأعلى لإجهاض الثورة، مما جعل أصحاب الفرامانات الدكتاتورية يصدرون آخر فرماناتهم بحتمية إصدار الدستور قبل انتخابات الرئاسة. ماذا يعنى ذلك؟ وأنا هنا أدعو إخواني علماء السياسة الأكاديميين بداية من كبيرهم دكتور نافعة إلى صغيرهم  دكتور عبد الفتاح أن يبدعوا في التوقع والتحليل بدلا من السرد وعرض الخيارات فقط، والرزق على الله، حتى ينيروا الطريق للسياسيين ورجال الدولة الوطنيين الثوريين كي يُرَشدوا من جهادهم لتحقيق مطالب ثورتنا الحبيبة المعطلة حتى الآن:

1.    أنا لا أدعي بطبيعة الحال خبرةً في وضع الدساتير، ولكن لدينا الخبراء، بداية من الفقيه العظيم الدكتور إبراهيم درويش الذي قد يرى اختزال الدستور في 20 مادة أو ما شابه ذلك إلى وجه الخير والأمل الدكتور جابر جاد نصار الذي ربما يرى أن الدستور يجب أن يطهى على نار هادئة حتى يكون جامعا شاملا غير منقوص وحتى يكون أساسا للبناء المستقبلي الشامخ بدلا من أن نضطر في المستقبل القريب إلى المخالفات الدستورية وارتكاب الانحرافات التشريعية لمن تُسَول له نفسه من المنحرفين من رؤساء قادمين أو برلمانيين أو حتى من جانب السلطة القضائية ذاتها. وهنا بدلا من إطلاق الفرامانات، يدعونا العقل إلى سؤال أهل الذكر، فهل نفعل ذلك يا سيادة المشير؟

2.    منذ متى يا سيادة المشير يتمسك مجلسكم الموقر بضرورة "الدستور أولا" وأنتم، مع من سامحهم الله من دعاة الإسلام السياسي، من قُدْتم وناصرتم وانتصرتم في معركة "زَبْل الدستور" لحين جمع الغنائم؟ بعد مرور خمسة عشر شهرا منذ قيام الثورة هل ضاقت بنا الحاجة لإصدار دستور في شهر واحد، أم أنكم سوف تقننون الدستور المعد فعلا لدي جماعة الإخوان السياسيين، وأنتم الحكومة "عارفين كل حاجة بقى"، على رأي فلتة الكوميديا الحديثة عادل إمام؟

3.    أنا أثق في وجود حلول دستورية أو قانونية لإمكان إتمام انتخابات الرئاسة وتنصيب الرئيس الجديد في ظل شرعية دستورية مؤقتة لحين إتمام الدستور بالكيفية التي تليق به (أي بالدستور) والكيفية التي تليق بمصر بعد الثورة التاريخية المجيدة.

4.    استمرت المرحلة الانتقالية يا سيادة المشير وأنتم على رأس السلطة التنفيذية، فما هي المعضلة في استمرارها ورئيس منتخب، أنتم أصلا كان من المفترض أن تكونوا بدلاء عنه، يكون على رأس السلطة التنفيذية، وهو هنا أحق وأجدى لأنه منتخب بانتخاب شعبي نزيه، وليس بتكليف من الطاغية مبارك أو غيره؟ دعنا نفترض أن المرحلة الانتقالية مستمرة لحين الانتهاء من إعداد الدستور في وقته المناسب. الرئيس القادم مع مجلسه الرئاسي " أو مؤسسة الرئاسة" سيكون لديه من الخبرة السياسية والتخصص في السياسة ما يفوق المجلس العسكري بثقافته العسكرية الفريدة بكل تأكيد والذي أوصلنا إلى ما نحن فيه من متاهات كان هو المايسترو والمخرج الرئيسي لأحداثها. ولذلك فالدولة ستكون بين أياد أمينة كفوءة بإذن الله.

5.    هل المجلس العسكري الآن بدون سلطات؟ طبعا لا لا لا لالا بكل تأكيد، فلماذا لا يكون للرئيس المنتخب نفس السلطات، أم هي حلال عليكم حرام على من دونكم يا سيادة المشير؟ إن موقفكم هذا هو الذي يخلق الأزمات وليس افتقاد سلطات رئيس الجمهورية المنتخب. ما الفرق بين رئيس جمهورية منتخب، أو رئيس جمهورية مؤقت، أو مجلس رئاسي وأنتم مرة أخرى الذين رفضتم فكرة المجلس الرئاسي من قبل؟ ثم أن الرئيس المنتخب سيكون له مجلس رئاسي كما تعلم ويعلم الشعب من خلال تصريحات المرشحين الرئاسيين الآن وخاصة أبو الفتوح وصباحي والمستشار البسطاويسي.

6.    سيادة المشير: إن الضغط على الشعب المصري بالمزيد من أهوال المرحلة الانتقالية (أو قل الانتقامية) لن يثني الشعب المصري عن الإيمان بثورته التي أخرجته من أتون الظلم والاستبداد، والتي بعثته من الموت إلى الحياة. الرجوع إلى الحق فضيلة، والاستسلام لإرادة الشعب شجاعة ومروءة. فلنعد إلي أصل الداء، وهو الخروج الغانم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

الخلاصة: مشكلة المشاكل بالنسبة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة طيلة المرحلة الانتقالية هي "الخروج الغانم" وليس مجرد "الخروج الآمن"، ذلك لأن الخروج الآمن أمره سهل أمام عدة إجراءات ثورية بسيطة من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة وعفا الله عما سلف. أما الخروج الغانم فهو كيف يستمر الوضع الحالي للقوات المسلحة بعد الثورة؟ آجلا أم عاجلا لابد من مواجهة هذه المشكلة من جميع أطرافها. نظام مبارك كان فاسدا من أخمص قدمه إلى قمة رأسه، وقد أثر ذلك على كل شيء بما فيه الجيش والقضاء نفسه، ومن ثم فلا يمكن أن يبقى الجيش على حاله ونحن نبني دولة عظمى تحتاج إلى جيش عظيم يصنع سلاحه ويعتمد على ذاته. الجيش له الحق في تحقيق مصالحه كما يراها قادته العظام، والسبيل إلى ذلك هو تمثيل الجيش في الجمعية الوطنية لوضع الدستور شأنه شأن أي هيئة أو مؤسسة أخرى في الدولة. والمؤكد أن الهيئات الأخرى ربما ستهتم بالجيش ومصلحته أكثر مما يهتم به العسكريون أنفسهم فالجيش ملك لمصر والمصريين، وهو مصر، وسيبقى الحصن الحصين لأم الدنيا وأستاذة التاريخ وأرض الأمن والأمان وسعادة الإنسان.

 

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم