|
سوق ليبيا بمرسى مطروح .. شاهدٌ صيني على العلاقات بين مصر و ليبيا
أوبرا عايدة .. أن أكون مزعجاً رغم أنفي
Total online: 1 Guests: 1 Users: 0
بنتي جاسوسة .. أعمل أيه ؟!
بداية
أشير إلى أمر لاحظته في كل المدن الشرقية التي زرتها و هو وجود نوعين
رئيسيين من الأسواق يحرص زوار المدينة أن يمروا بهما ، الأول هو أسواقٌ
تشبه خان الخليلي بالقاهرة و عادة ستجد نفس المنتجات الموجودة بالخان من
عطور شرقية و بخور و مصنوعات يدوية سواء جلدية أو معدنية و مجوهرات و حلي و
عطارة مع اختلافات بسيطة بين مدينة و أخرى ، مثلاً في إسلام أباد و التي
تجد مثل هذه الأسواق داخل فنادقها أو ملحقة بها لن تصادف منتجات البردي و
تصاميم الآنية و التماثيل بالأشكال الفرعونية لكنك طبعا ستجد الشيَش و
النراجيل أو الأراجيل و التي يقبل على شرائها السائحون العرب رغم وفرتها في
بلادهم ، و في المدينة المنورة و مكة المكرمة و جدة لن تجد أزياء الرقص
الشرقي لكنك ستجد بديلاً لها مزيداً من العباءات و الجلابيب و الطواقي ،
أما في دبي فستجد كل شيء مستنسخا كما تجده في مصر تماماً و في البلاد
الأخرى أيضاً .
النوع الثاني هو أسواق المنتجات الرخيصة بعضها محلي الصنع و بعضها مستورد ،
و أغرب ما في هذه الأسواق حالياً هو أن جُل معروضاتها صينية الصنع و رغم
ذلك لازال المسافرون الوافدون يمرون بها و يملأون حقائبهم من بضائع تغرق
أسواق بلادهم كما تنضح بها كل أسواق العالم .
سوق ليبيا بمدينة مرسى مطروح التي تقع شمال غربي مصر قريباً من الحدود
المصرية الليبية ، هو أحد هذه الأسواق من النوع الثاني ، و يتميز هذا السوق
باسمه الذي استمده كونه امتداداً أو تطويراً لشارع المهربين أو التهريب
الذي يقع قريباً منه و كان مركزاً مهماً لبيع البضائع المهربة من ليبيا .
أيام الانغلاق الاقتصادي - كما لازال يذكرها المصريون - لم يكن استيراد
الكماليات و كل أدوات الرفاهية أمراً مسموحاً للمصريين بينما كانت السلع
الأوروبية تغرق ليبيا من كل صنف ولون فكانت الحدود الصحراوية بين مصر و
ليبيا بوابة تتدفق عبرها تلك البضائع مما جعل المهربين ينشطون مستخدمين
سيارات الدفع الرباعي في اختراق الصحراء للحصول على المكاسب الكبيرة التي
تدرها هذه التجارة ، و أظن الحكومة المصرية بشكل أو آخر تركت تلك الفسحة عن
وعي و زادت سماحتها بعد نكسة 67 و حتى قيام الثورة الليبية ( ثورة الفاتح
من سبتمبر ) عام 1969 و التي تبنت أفكاراً اقتصادية كالتي كانت مطبقة في
مصر حينها و من ثم انتهى سبب التهريب ، و إن كان نشاط المهربين نفسه لم
يختف إلا بعد ما أصاب العلاقات المصرية الليبية من توتر بسبب الخلافات بين
الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات و الرئيس الليبي معمر القذافي (
مع حفظ الألقاب ) الأمر الذي دفع السلطات لتشديد الرقابة على الحدود و
تمركز جانب من الجيش المصري في الصحراء الغربية كما ألزمت الحكومة المصرية
أصحاب سيارات الدفع الرباعي بتركيب أرقام مرورية ليسهل معرفة أصحابها ، و
راحت الطوافات تطارد من يحاول اختراق الحدود .
اليوم و عندما تتجول في سوق ليبيا بمرسى مطروح لن تصادفك إلا أصنافٌ قليلة
من البضائع محلية الصنع ( منتجات واحة سيوة من التمور و الزيتون و
الملوخية الجافة و النعناع الجاف ) و قليل أيضاً من المنتجات القادمة من
المغرب العربي مثل الكسكسي و التونة المعبأة الواردة من تونس ، و فيما عدا
ذلك سترى كل ما تراه في القاهرة من منتجات صينية ، كل شيءٍ صيني حتى فوانيس
رمضان المصنعة بأشكال أبو تريكة ( لاعب المنتخب المصري ) و المعلم حسن
شحاتة ( مدرب المنتخب ) .
و يبقى اسم ليبيا على السوق كذاكرة لتاريخ و أيام يراها البعض حلوة ويصفها
آخرون بالمُـرة ، لكنها على أي حال مرت ، و لعل القادم أجمل .
الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
|
|
أضف خبرًا فنيًا أكتب مقالا على ديدالوم
|