وظائف خالية

اندجامينا القاهرة .. ذهاب و عودة قلب الأحداث .. رأساً على عقب
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
أوبرا عايدة .. أن أكون مزعجاً رغم أنفي

اندجامينا القاهرة .. ذهاب و عودة

 
صحيفة تشاد الالكترونية
 
 
أسعدتني جداً دعوة الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمر موسى لإنشاء تجمع لدول الجوار العربي خاصة لتأكيده على أهمية تشاد و ضمها إلى هذا التجمع.
 
تشاد هذه الدولة التي لا يعرف كثير من المصريين عنها شيئاً يمكن اعتبارها عمقاً استراتيجياً لمصر و السودان و ليبيا ، كما أنها امتداد للعالم العربي فهي دولة فيها العربية لغة أساسية و أغلب سكانها ( حوالي 92% ) مسلمون ( 6% ) مسيحيون و البقية من ديانات وثنية محلية ، كما إن على أرضها نشأت مملكة عربية إسلامية قديمة هي مملكة كانم منذ القرن الثاني الهجري ( الثامن الميلادي ) و لم تسيطر عليها فرنسا سوى أربعين عاماً ( 1960:1920م. ) أي أن لسكانها ثقافة ليست ببعيدة عن ثقافتنا ، و مما أدهشني عندما زرتها أن كثيرا من أهلها يكنون وداً للشعب المصري و ستجد من يخبرك بعد الترحيب بك إن أمه من مصر أو إنه عاش و تربى في حارة بحي شعبي بمدينة القاهرة و سيصف لك مطعما مصريا يقدم الفول و الطعمية في قلب العاصمة التشادية اندجامينا، و غير ذلك مما يجعل هؤلاء الأشخاص قريبين إلى قلبك حتى و هم يتوجسون منك كغريب و يؤكدون  لك : " أنتم أفارقة بس بيض " .. هذه المسافة التي خلقها الفرق في درجة السمرة لم نحاول نحن إزالتها أبدا رغم إن ذلك سهل للغاية خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن علاقتنا بتشاد التي أغفلناها أو غفلنا عنها أمداً بعيداً لن تكون أبداً علاقة مانحين فقط بل ستتسم بالمشاركة ؛ فالتشاديون عندهم الكثير ليقدموه لنا تماما كما أنهم بحاجة لتعاوننا معهم .
 
حكاية ستسمعها تتردد في العاصمة التشادية عن الشيخ المصري مبعوث الأزهر الشريف الذي تمكن من قلوب التشاديين خلال فترة بسيطة تلت قدومه إليهم، فلم يكن بمقدرة أي شخص أن يرى أرض الشارع خلفه إذا سار لأن المواطنين المحبين له يملأون الأفق تبركاً به و تقديراً لما يمثله من علاقة و رباط يقدسونه مع إخوانهم خلف الصحراء . هذا الرباط الذي أزعج المستعمر القديم ، فرنسا ، التي مازالت تفرض سيطرتها على الشعوب التي فشل جثومها على صدور أهلها مدة أطول؛ فقررت – فرنسا – أن تغادر بجيوشها و تبقي تبعية هذه الشعوب لها بفصلهم عن جذورهم و تأكيد ثقافة مختلطة تلغي شخصية المواطن و تمنحه هوية جديدة تضمن بقاء بلده مخزناً للخيرات ، ضرعاً يمد المستعمر يده و يحلبه عندما يريد .
فرنسا المنزعجة استطاعت بالتهديد تارة و بالإغراء أخرى أن تدفع الشيخ الأزهري لمغادرة تشاد إلى غير رجعة ، و تبعاً لرواية البعض لم يكن الرجل يرغب في المغادرة ، لكنه لم تكن باستطاعته مجابهة دولة دون أن يجد مساعدة من بلده خلف الصحراء حيث لا أحد يذكر أهلاً له و أخوة فصله عنهم  شخص ماكر رسم الحدود بين بلادنا بأسلوب مريب يضمن صعوبة الاتصال بيننا .. ألا يجب علينا الآن أن نقوم نحن بخطوة جادة و ننشئ جسراً يأخذنا إلى إخوانناً ؟!
 
رجل مصري فاضل قابلته في اندجامينا فكر في ذلك ، ثم لم يتوقف عند التفكير بل قام بإلقاء حجر في الماء الراكد. أنشأ متجراً كبيراً من أوائل المتاجر بل ربما كان الأول من نوعه لبيع السلع المصرية في قلب العاصمة التشادية.
 
كان تحدياً حقيقياً خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الطريق الطويل غير المعبد الذي كان على قافلة من الشاحنات الكبيرة أن تقطعه بمعونة من أدلة الصحراء. طول المسافة ليس العائق الوحيد؛ فالشاحنات تسير بمحاذاة بحر للرمال سبق أن التهم جيشاً كاملاً لم يظهر له أثر منذ 525 ق.م. كما نعرف جميعاً من قصة غزو الملك الفارسي قمبيز لمصر. و بالإضافة لتخطي بحر الرمال يكون على الشاحنات عبور الحدود من مصر إلى ليبيا ثم إلى تشاد أو بدلاً من ذلك العبور إلى السودان ثم إلى تشاد آخذين في الاعتبار التوتر الذي يؤرق الحدود بين السودان و تشاد و الذي أرجو أن تؤثر الاتفاقيات الأخيرة في حل هذه الخلافات بين بلدين تضمان شعباً واحداً.
 
عموماً يبقى على القافلة أن تقطع الصحراء التشادية من الشمال حتى أقصى الجنوب الغربي .
كل هذا الطريق جعل القافلة الأولى تقضي عدة شهور في مسيرتها الشاقة بينما الرجل منتظر فراغ صبره في متجره الخالي من البضائع . ثم جاءت اللحظة الحاسمة ، وصلت أول الشاحنات ، و كانت فرحة عارمة ؛ فاستوت السلع في أماكنها خلال الليل و تناقل سكان المدينة الخبر بسرعة مما جعل البضائع غير محتاجة لإعلان كي تباع كاملة في اليوم التالي و تترك صاحب المتجر يخطط لقوافل أخرى ثم تنمو في ذهنه فكرة أكثر جرأة ، إذا كان الأمر على هذا النحو لماذا لا تنشئ مصر طريقا صحراوياً بالتعاون مع ليبيا و تشاد و السودان أيضاً يكون جسر خير بين هذه البلاد جميعها ؟
حمل الرجل تساؤله في صورة دراسة للجدوى أنفق عليها من جيبه و توجه بها إلى بعض المسؤلين المصرين ، و رحب به بعض الوزراء و أثنوا على مشروعه الريادي ثم انتهى الأمر إلى أدراج المكاتب رغم جدواه العظيمة للتشاديين و المصريين أيضاً سواء بسواء.
 
من هنا أجدد الدعوة إلى إنشاء هذا الطريق و فتح باب التواصل مع إخوان لنا نسيناهم طويلاً.
كما لا يفوتني أن أحمد لليبيا و قائدها الأخ العقيد معمر القذافي قيامه بمبادرات مهمة نحو مد الجسر للتواصل و المساهمة في تنمية دولة تشاد و هو جهد لمسته بنفسي عند زيارتي للعاصمة التشادية اندجامينا.
 
أحمد صلاح الدين طه

 

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم