وظائف خالية

الحداد لا يكفي، و الفضائيات لا تشفي

بعد دورة الملكية الفكرية.. يا عزيزي كلنا لصوص
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
اللواء طارق المهدي و أكذوبة ماسبيرو الذي لا يراه أو يسمعه أحد

الحداد لا يكفي، و الفضائيات لا تشفي
 

 
  نعم الفوضى الإعلامية لم يصنعها، و لا حتى يستطيع صنعها الفوضويون.. الفوضى صناعة مَن لم يضع نظاماً، و تصور أن كل شيء سيسير على ما يرام.

   ملاحظة بسيطة بعد ما حدث من تخبط معلوماتي أثار استياء الشارع المصري و قلقه الطبيعيان.. حتى من يعملون و يتعاملون مع ما يسمى بالمطبخ الإعلامي؛ ظهر جلياً من جهة تخبطهم و من جهة استياؤهم من الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه.. ربما لا ألوم الإعلام على ذلك، لكن علينا أن نعترف أن البيت بحاجة لترتيب.

  أولاً، لا أعتقد أن بيان الداخلية جاء متأخراً؛ فلا يُعقل أبداً أن تصدر الداخلية، أو الصحة أو رئاسة الحكومة بيانات أو تصريحات تتعلق بمهمة خطيرة و حساسة مثل ما وقع في الواحات بينما العملية في طور التنفيذ، لا يمكن أن يحدث ذلك في أي بلد، و لا يجب أن يحدث أبداً.

ما شكَّل أزمة حقيقية هو شغف الجمهور لمعرفة ما يحدث، ربما قلقاً على أبنائهم المشاركين في هذه العمليات الخطيرة، أو خوفاً على أولادهم المطمئنين في منازلهم غير بعيد عن الأحداث التي صارت قريبة للغاية، أو حتى انصياعاً لغريزة الخوف في أنفسهم. في المقابل الناس أصبحوا أكثر وعياً أن ما يعرض على وسائل التواصل لا يعدو كونه آراء و تجليات للبعض، و ما تذيعه القنوات الأجنبية غير منزه عن أغراض خفية مهما وصلت درجة مصداقية هذه القنوات علواً أو هبوطاً، لكن أخيراً: أن يذاع ما سمي بالتسريب، على قناة مصرية فضائية محلية خاصة، و من مذيع/صحفي لطالما تفاخر أنه(بتاع الداخلية)، و لم ينف ادعاءه أحدٌ  و أصبحنا كجمهور نسلم به، و يشاهده من لا يعتبرون أنفسهم من محبيه قبل محبيه؛ لأن كلامه دون شك - في اعتقادهم يمثل جهة رسمية رفيعة. كل ذلك صنع البلبلة.. هذه هي الفوضى التي صنعها غياب النظام، أو بلفظ أدق "سوء التنظيم".

  دون شك أصبحنا على وعي تام بأهمية ما يردده الخبراء، خبراء الإعلام، و خبراء التنظيم و الإدارة، و أساطين السياسة من أن أكبر خطأ تقع فيه الدولة هو محاولة إقصاء التليفزيون الرسمي، و نقل صلاحياته إلى قنواتٍ خاصة، أو لنقل شبه خاصة، قيل إنها تخضع لتوجهات الدولة و تدعمها، كل ذلك يمكن أن نعتبره فكراً جديداً، قابلاً للتجربة؛ لو كنا في ظروف أخرى. 

  ما حدث من تخبط معلوماتي أخيراً يجب أن يلفت نظر رجال الدولة للسبب الرئيسي، و هو تعدد مصادر المعلومات، بينما المفترض في حادثة كهذه أن الدولة دون غيرها هي الجهة صاحبة الاختصاص، و من يذيع عن مصدر آخر فهو بالتأكيد يحصل على معلوماته من جهة مغرضة. التليفزيون الرسمي انتظر بياناً رسمياً و هو تصرف مهني يراعي الضمير و لا يمكن أن يلام عليه. القضية أن القنوات الخاصة التي تحاول الحفاظ على صورتها لدى المسؤولين في الدولة كمالكة لعقول المشاهدين، أرادت أن تسرق عيون المشاهدين و تقبض قلوبهم و لو بالتنازل عن المهنية التي لم تعد تساوي شيئاً في سوق الإعلام المصري.

  لابد للدولة من أن توحد الجهة التي يتلقى عنها الجمهورُ أنباء الدولة، طبعاً لا يعني ذلك غلق الفضائيات الخاصة؛ فقد تخطينا هذا الطور الذي تحتكر فيه الدولة وسائل الإعلام، لكن ببساطة على القنوات الخاصة أن تكون قنواتٍ خاصة، و على تليفزيون الدولة أن يكون تليفزيوناً رسمياً، كل البيانات و التصريحات و لقاءات الوزراء، و رئيس الوزراء و رئيس الجمهورية كل ذلك يجب أن يؤخذ عن محطة واحدة، و يمكن لجميع الجهات أن تأخذ عنه.. لو كان عامة المصريين يعرفون أن المصدر الأساسي للمعلومات هي تليفزيون الدولة لما تخبطوا بحثاً بين القنوات المختلفة، و لما لجأت هذه القنوات لإرضائهم بأي وسيلة و لو كانت مادة مفبركة أو حتى لا يجب إذاعتها في وقت معين.. أما إذا كان رجال الدولة يرون أن تليفزيونهم متعثر، فليس عليهم إلا أن يدعموه، بدلاً من التصفيق للحملات الموجهة ضده من جهاتٍ هي السبب لما نحن فيه الآن.
أحمد صلاح الدين طه

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم