وظائف خالية

بين صفوح نعماني ومحمد بيومي.. لعنة البقاء في الظل

فضفضة مصورين.. ليس إلا
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
بإغلاق قناة تن.. أحدهم بات سعيداً









 
  المصورون دون شك (ندهتهم النداهة) يوماً ما وهم صغار أو كبار، أكاد أسمع نداءها بصوت ليلى جمال في فيلم (النداهة) وهي تغني كلمات مرسي جميل عزيز بإيقاع ملؤه الغموض، والفضول والرهبة: "شيء من بعيد ناداني، وأول ما ناداني.. جرى لي ما جرى لي.. ومش بأيدي يا آبا.. أنا مش بإيدي يا آآآبا". أكيد ندهتهم النداهة فانجذبوا لسحر السينما، وإلا لماذا دائماً نكتشف أنهم الرواد، ومع ذلك يتنازلون ببساطة عن مراكز الريادة لآخرين يتصارعون عليها: ممثلات، ومخرجون، وحتى رجال مال وأعمال لم تشغلهم في حياتهم سوى النقود الذاهبة، والأرباح العائدة بعد حين.

  بمجرد ما سمعت عن إعادة اكتشاف رائد سينمائي سعودي، وترميم فيلم صوره وأنتجه على نفقته يوثق الحج عام 1963م. وهو المصور السعودي من أصل لبناني صفوح النعماني، استحضرت في ذهني المصور المصري الرائد محمد بيومي، الذي كان أول من صور وأنتج وأخرج، وقام بالأعمال الفنية والتقنية حتى التحميض والطبع لأفلام مصرية متكاملة، ورغم ذلك ظل اسمه مجهلاً في كتب تاريخ السينما، والمجلات، وقاعات الدرس.. فقط إشارات غامضة لوجوده دون أي صلة بينه وأعماله مع المؤسسات السينمائية.. عقود عديدة تصارع خلالها على صدارة الريادة العديدون، وتنافس في إبراز ريادتهم النقاد والمنظرون مصنفو الكتب ومؤلفو المقالات، ولكل حجته وبراهينه، مرة ينسبون الريادة لأجانب أقامو في مصر أو ولدوا فيها والبعض فرق بين ريادة الأجانب، وريادة أخرى لمصريين وعرب، أسماء عديدة كنا ندرسها وننفق وقتاً طويلاً في كتابة الأبحاث عنهم ونحن طلبة حتى جاءت رسائل من غور بئر الماضي السحيق، تعيد الفضل إلى أهله، بوبينات أفلام عتيقة مخزنة لسنين في سندرة منزل قديم، لا يجرؤ أحد على فتحها، حتى يُقْدم الأكاديمي الدؤوب المخلص دكتور محمد كامل القليوبي -رحمه الله- على فتح علب الأفلام، رغم تهوين المختصين من أهميتها؛ فبكل قواعد المنطق، وقوانين الكيمياء، وأحكام الزمن، لم يكن هناك احتمال أن تكون الأفلام سليمة.. بعض ذوي الخبرة أكد أن ما يحتمل وجوده داخل العلب هو "تراب أفلام" نتاج تحلل السليلويد المخزن في ظروف تخزين سيئة جداً لزمن طويل.. كانت الآمال محدودة، لكنها على أي حال موجودة، وقد كان.. فتحوا العلب فاكتشفوا تراثاً سينمائياً مصرياً خالصاً غير بين ليلة وضحاها تاريخ السينما المصرية والعربية تماماً، كأنها كانت خبيئة لا تقل أهمية عن مومياوات خبيئة البر الغربي الأقصرية، أو أنها رسالة من العالم الآخر يحاول بها الرائد محمد بيومي تحريك اسمه من الظل ليشغل مكانه الصحيح، فنكتشف فجأة أن لدينا تاريخاً وطنياً في السينما أعرق مما تخيله أكثر المتفائلين، وأقدم المنظرين.
  مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، في دورته الأولى، أعلن عن عرض شرائط النعماني، بعد ترميمها بشكل احترافي، وإعادة إنتاج الأشرطة السينمائية، التي يجوز أن نسميها وثائق سينمائية نادرة تسجل لحظات قديمة من حياة مكة المكرمة، وجدة بوعي واحد من سكانها.

  ألا يشحذ ذلك مخيلتنا لتصور كم سيكون هذا المهرجان مميزاً بين أقرانه لأسباب عديدة:
أولاً: يقوم المهرجان هنا بدور تضطلع به عدة دول في شأن تأسيس صناعة سينما، مؤهلة بشكل كبير لمنافسة الأسواق التقليدية.

ثانياً: يثبت القائمون على المهرجان ببحثهم عن الجذور أنهم على وعي تام لما يقدمونه، وأنهم لا ينوون -كآخرين- أن يهرولوا نحو تقليد المهرجانات العالمية، مما يسلخهم حتماً عن جذورهم، ويحولهم لمسخ مهرجان يذخر بالنجوم والتجار وتغيب عنه السينما.
  ثالثاً: ألا يستحق رجال الظل أن يجدوا أخيراً من يأخذ بأيديهم إلى دائرة الضوء التي صنعوها وتركوها لغيرهم يمرح فيها.

  تحية خالصة لمهرجان البحر الأحمر الواعد، الواعي، والقائمين عليه.

 
أحمد صلاح الدين طه
القاهرة 23 ديسمبر 2019

























 





 

قد يهمك قراءة الموضوعات التالية:

 

 


 

للمزيد تابعنا على: يوتيوب .. تويتر .. إنستجرام .. صفحة فيس بوك .. واتساب .. مدونة ديدالوم .. مجموعة ديدالوم للتواصل .. موقع ديدالوم الرسمي






 

لا تنس الاشتراك في قناتنا على يوتيوب لمتابعة المزيد


 
avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم