وظائف خالية

ضيوف تفتح النفس الشعب يفضل الرؤوس معلقة على المشانق
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
زوينة المغرب.. مفيش كلام

ضيوف تفتح النفس


 
  فعلاً، عن خبرة هناك نوعية من الضيوف في البرامج التليفزيونية تفتح نفسك على العمل، تماماً كما أن هناك ضيوفاً تجعلك (تقلب، وتصهين، وتطنش) وتفعل الأفاعيل من أجل أن ينتهي الأوردر ويمر بأقل خسائر ممكنة. ذلك ما قصدته في آخر أوردر عندما أخبرت الزملاء أن الضيوف (قِرَف) فهناك ضيوف قرفتهم حليب، وضيوف قرفتهم جنزبيل، وضيوف لا داعي للحديث عن قرفتهم، اللهم احفظنا.

  من البرامج التي أصورها في التليفزيون المصري برنامجان، كل ضيوفهم "قِرفتهم زي الفل" حرفياً، برنامج ملامح، الذي يقارب عمره عمري في التليفزيون، وبرنامج لمسة وفاء. برنامجان لطالما استمتعت وأنا أضبط الإضاءة وأصورهم، ولاأزال مستمتعاً أثناء التسجيل، وبعد التسجيل ربما كانا من البرامج القليلة التي لازلت أحرص على متابعتها، وأتساءل دائماً بيني وبين نفسي: هل لازال في مصر شخصيات ذات ثقل، ومكانة عبقرية كضيوف البرنامج الذين سجلنا معهم سابقاً، وتأتي الإجابة عما قريب في (الأوردر التالي)، وتكون بالإيجاب، بل بكل الإيجابيات الممكنة.

  في مصر شخصيات عظيمة، تستحق إلقاء الضوء، وحتى إذا كانت تحت الضوء فعلياً؛ هناك دائماً جوانب أخرى غنية من ملامحهم، ربما غير ظاهرة للناس ويجب على الإعلام تناولها، خاصة الإعلام الرسمي، التليد، ذو المآثر. والذي لازال وحده يدق الصخر ويستجدي الغيث؛ فقد انشغل من سواه من إعلام محلي خاص بمواد الترفيه، والتسلية "لب، سوداني، تررررمس" استجلاباً للمنافع، وحلباً للممولين الذين دأبوا على الصرف ببذخ على ما لاينفع الناس، ولا يمكث في الأرض. أما التليفزيون الجاد، فقد انصرفوا عنه، واستحى أن يسألهم، فيعطونه أو يمنعوه، والأرزاق على الله.

  والتساؤل الدائم الذي يسأله الناس عندما يرون عملنا في هذين البرنامجين وغيرهما قليل، من البرامج التي لازالت "ماسكة نفسها" رغم نقص التمويل، يقولون بإشفاق: "إنتوا تاعبين نفسكم ليه؟ هو حد بيشوف التليفزيون؟". الإجابة جاءتني بوضوح، عندما كنت قبل أيام في المملكة المغربية الشقيقة؛ فقد وجدت جمهوراً لا يستهان به عاشق للتليفزيون المصري، ولازال يشاهده، والتليفزيون المصري عندهم لازال يعني بوضوح التليفزيون الرسمي، ماسبيرو. والفكرة ليست في وجود الجمهور في حد ذاته، لكن في أن خارج الحدود، حيث يبطل فعل الإعلانات المكثفة والموجهة التي تغرق المواطن البسيط عن قنوات وبرامج اسمها فضائية، هذه الإعلانات التي تصور للمصري أن كل العالم يرى هذه البرامج ، بل هو نفسه -رغم أنه غالباً لم ير معظمها- لكن الضغط الدائم عليه في الشوارع والمطبوعات ووسائل التواصل الإجتماعي، كل ذلك يصور له أنها جزء من حياته اليومية، كل يوم يتنفس، ويشرب، ويأكل، ويشاهد التوك شو. لكن إذا ابتعد قليلاً عن الزن الإعلاني، وأصبحت المنافسة الحقيقية للمحتوى، للقيمة، للغيث لا للغثاء، تغلب تليفزيوننا، وأصبح السفير الحقيقي لمصر شعباً، ودولة، وتراجع من دونه ليشغلوا مكانتهم الحقيقية، كل ذلك كفيل بجعلنا نستمر في العمل، وننتج، ونحاول، ونغرس آخر فسيلة بيدنا حتى لو قامت القيامة. ومن أجل ذلك أيضاً نحاول أن نلفت نظر من صموا، أو نسمع من عموا عن رؤية هذه الحقيقة الجلية: هذه البرامج التي لازال صفوة المفكرين، المبدعين، العلماء ورجال السياسة المحنكين يحرصون على الظهور فيها دون مقابل، لو لم تصبح محلاً لاهتمام الدولة، وغرساً لمستقبلنا لخسرنا الكثير مما لا يمكن لبرامج التسلية، وملاهي الفضائيات، أن تعيده، أو تصنع مثاله.
هامش أخير: لماذا لا تحاول الهيئة الوطنية للإعلام تحويل مثل هذه البرامج لمشروعات ثقافية تتضمن طرحها على وسائل إعلامية مختلفة، وطبع محتوى حلقات البرامج في كتيبات، يمكن أن تسوق أو توزع مع مجلة الإذاعة والتليفزيون، فتكون ذخراً للأجيال القادمة.
أحمد صلاح الدين طه
 
 


avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم