وظائف خالية

قصرية عم عباس التي كانت طريقه إلى مملكة الأكسسوار السينما الرقمية بسبعة جنيهات.. يا بلاش
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
مصر التي هي أمي

 




 
  عم عباس، أو الحاج عباس، أو عباس صابر ملك الأكسسوار في السينما المصرية، والذي يبدو بسيطاً، رجلاً متواضعاً كأي ابن بلد مصري.. يرفض بإصرار لقب المملكة التي توَّجَه عليها صناع السينما، واعتبروها مكافأة بسيطة له. مكافأة لرجل لم يترك ثانية في حياته، إلا وعبأها بحبه لهذا المجال الذي دخله صغيراً جداً، وهو طالب في المرحلة الإعدادية، ولم يتركه أبداً حتى الآن، رغم كل المصاعب أو الأزمات التي مرت به، و"ياما دقت على الراس طبول" لكن عم صابر صف جميع الطبول التي دقت رأسه على أرفف مخازنه وجعلها تراثاً له ولصناعة الدراما المصرية، والعربية، والعالمية أحياناً.

  في البداية عندما دخلنا مخازنه، وبدأنا نجهز لتصوير برنامج (ملامح) للتليفزيون المصري، ورأى انبهارنا بما لديه من اكسسوارات تذكرها أعيننا، وتعودنا رؤيتها منذ كنا صغاراً في مسلسلات عديدة، وأفلام.. بكل فخر واعتزاز نظر لنا، وقال: هذه ليست سوى الرفايع، ثمة عدة مخازن أخرى، غير ما لدي في مدينة الإنتاج الإعلامي، والعديد من أعمال رمضان التي تصور الآن.

  يالها من رفايع، يسوقنا إليها الحنين، بين الهاتف القديم الذي لم يخلُ منه بيت.. عدة مصلحة التليفونات التي كان المصريون ينتظرونها سنوات حتى يأتي دورهم؛ فتدخل البيت بزفة، ثم يكتشفون أن العدة "ما فيهاش حرارة"؛ فينتظروا الحرارة زمنا آخر.. التماثيل العتيقة التي زينت قصور هوانم، وبهوات مسلسلات عديدة.. ولوحات، وصور قديمة، وأرواح رؤساء ومشاهير سكنت مجسمات انزوت بأسى في أركان المخزن الثري.. كل ذلك بالنسبة لثروته رفايع. بالإضافة لرفايع أخرى، سيوف ياما طارت بها رقاب (في المسلسلات والأفلام طبعا)، وغدارات كما يصر على تسميتها، وكذلك كانت تسمى قديماً، أيام المماليك وما قاربها، وربما كان سبب وسمها بذلك الاسم ما اتسمت به من غدر حيث هي مسدسات تطلق النار من مسافة بعيدة فتخالف بذلك ديدن الفرسان، ومقاتلي ذلك العصر الذين كان فخرهم هو فتوتهم وليس قدرتهم على القتل.

  رفايع عم عباس وغيرها من ثروته الملهمة، يعرفها جيداً السينمائيون والتليفزيونيون منذ أيامهم الأولى وهم بعد طلاب يدرسون في المعاهد والكليات المتخصصة، لأن عباس صابر لا يتورع عن إمداد طلاب الفنون بكل ما يحتاجونه من أكسسوارات لإنجاز مشاريع تخرجهم دون مقابل، وأذكر أحدهم يحاول الثناء عليه، كفاعل خير، وهو كذلك، لكنه بذكاء وتواضع نفى عن نفسه ذلك، فقال: هؤلاء سيصبحون علامات يوما ما في هذا المجال، مخرجون ومصورون ومهندسو ديكور، ويوماً ما سيعودون إلي ويعودون علي بفائدة.
  نعم الرجل المؤسسة يمارس صناعة الولاء، درس لم تتعلمه بعد مؤسساتنا وشركاتنا الضخمة، فتظن أن تدريب حديثي التخرج أو الطلبة نوع من إهدار الوقت، ولا يعرفون أنه زراعة ستؤتي خيرها عاجلاً غير آجل.

  رجل كهذا يستحق التقدير، أنشأ سفينته بنفسه، وسبح بها في البحار مصارعاً الموج حيناً، ومرخياً شراعه ليسري مع التيار حيناً.
  بدأ من الصفر، عندما دخل أول استوديو مع والده، وطُلب منه فازة فجاء بها، وسألهم بسذاجة طفل: أين أضع القصرية. فضحك الجميع عليه نعم، لكنه أسرها في نفسه وقرر أن تصبح القصرية قصراً، مملكة من الأكسسوار، والديكورات.. يعرف قيمتها، ويود أن تتبنى الدولة هذا الكنز الذي لديه، والذي تهدده ظروف التخزين، وهي مسألة مكلفة جدا، أما عائدها فعائد ثقافي وتراثي، أم أن علينا أن ننتظر يوماً يأتينا بالبراشوت مستثمر من الخارج يشتري، ويبيع تراثنا، ثم نركن إلى الظل نولول، ونقول كنا رواد هذه الصناعة، دون أدلة تثبت ذلك.
أحمد صلاح الدين طه
8-5-2019





 
 

































 

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم