وظائف خالية

أسوان.. الأمل، و لو بدون فلمنك

أخبار التصوير أيه؟
Total online: 3
Guests: 3
Users: 0
شباب رواد ماسبيرو

أسوان.. الأمل، و لو بدون فلمنك

 
   بقال أسواني بسيط لخص الحال في عبارة عبقرية:"الكل بيشتري الفيتا ما عادش حد بيجيب فلمنك".

   هكذا هو الحال، الناس أصبحت لا تقترب إلا من السلع الرخيصة، لأن الغالي لم يعد في مقدور أحد. السياح الذين يملكون الدولار و اليورو غير موجودين، و العاملون في السياحة ذوو الدخول المرتفعة فقدوا أعمالهم أو قلت دخولهم بشكل كبير، و حتى موظفي الحكومة الذين يشكلون قوام السكان الرئيسي بأسوان كمختلف محافظات الصعيد الأخرى تأثروا بالتقشف الذي تتبعه الهيئات الحكومية حالياً مما ألقى بتبعاته أيضاً على الجميع حتى على البقال البسيط الذي لاحظ أن سلوك زبائنه الشرائي تغير بشكل ملحوظ؛ فبعدما كانوا يعمدون إلى أغلى السلع و لا يترددون في شراء بضائع ترفيهية أو شبه ترفيهية أصبحوا يعتمدون على أقل السلع سعراً و يحمدون الله أنهم لازالوا قادرين على فتح بيوتهم.

   طبعاً اختفاء السياحة من على الخريطة الإقتصادية لأسوان ليس المشكلة الوحيدة التي تواجه أهلها و المقيمين على أرضها. هناك مشكلات عديدة أهمها انهيار البنية التحتية خاصة فيما يتعلق بشبكات مياه الشرب و الصرف الصحي التي لم تجدد منذ أمد بعيد جدا و كما يقول المسؤولون:"صرنا نرقع جزءاً فيطفح جزء آخر".

  إذا، هل تبدو الصورة هكذا قاتمة؟

   في الحقيقة، لا.

   طفنا في أسوان لأيام عدة، نصور مواضيع مختلفة لبرنامج تليفزيوني، دون أن يتملكنا للحظة الشعور باليأس أو بأن الوضع مأسوي. في الواقع كان الأمل يرافقنا لحظة بلحظة. وجدناه في وجوه الناس، هؤلاء الطيبون الودودون المخلصون الذين لا يستحقون إلا كل خير، و نحن على يقين أنهم بالغون الخير الذي يستحقونه. 

    الأمل الذي وجدناه لا حدود له عندما زرنا مدرسة تجارية مثلها يوجد الآلاف في ربوع مصر لكننا فوجئنا بكم المواهب التي تحويها هذه المدرسة الصغيرة، كما لفت نظرنا كيف يمكن لمجموعة من الطلبة الوقوف بكل ثقة و انتقاد مسؤولي المدرسة بل و المديرية أيضاً، و لم يجد المسؤولون غضاضة فيما انتقدهم به الطلبة بل على العكس شرحوا بكل أريحية ما غمض عن حسبان أبناء المدرسة و اعتذروا عن ما وجدوا الطلاب محقين فيه. في المقابل تلقى الفتية كلام أساتذتهم بكل أدب و توقير يدل على أن جيلا جديرا بحمل المسؤولية سيخرج من هنا.

    أيضاً عندما زرنا المستشفى الجامعي الذي يعد الملجأ الطبي الحكومي الوحيد لسكان المدينة، ومثل ما وجدنا في مستشفيات نظيرة في محافظات أخرى هناك نقص لا ينكر في الإمكانيات، لكن على عكس أقرانه لم يجد مدير المستشفى غضاضة في تسجيلنا لشكاوى المرضى بل على العكس كان يرجو ذلك إيماناً منه أن المريض هو من يستطيع تقييم الخدمة المقدمة له، أيضاً لم يتورع عن ذكر مناحي القصور في الخدمة و يشرح أسبابها كما تحدث عن الخطط و العقبات التي تواجهه، طبعاً تخطي القصور لا يبدأ إلا عند الاعتراف به.

   هذا ما وجدناه في كل مكان ذهبنا إليه في أسوان و ما نزعم أنه بداية التعافي لأسوان و ربما لمصر كلها. المصارحة، مواجهة المشاكل بالإعتراف بها و ليس بدفن الرؤوس في الرمال. عندنا مشاكل عديدة. مؤسساتنا العامة و الخاصة في أسوأ حالاتها، في السياحة و الصحة و الصناعة و الزراعة و الطاقة و التعليم و البنية التحتية قبل كل شيء. لكن كل ذلك يمكن تجاوزه فقط البداية هي ألا نداريه ليرضى عنا أولو النعمة فللنعمة ولي واحد لا يرضيه إلا صلاح خلقه. و في أسوان أعتقد أنهم عرفوا طريقهم، و لن يضير شيئاً أن نستغني عن الفلمنك بعض الوقت؛ فلازالت لدينا الجبن القريش في الخدمة و تحت الطوع.
 




 
 

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم