وظائف خالية

إنقاذ مصر بتحالف العظماء

ماذا يريد المجلس العسكري؟ ليست "مظاهرة شوية عيال"
Total online: 2
Guests: 2
Users: 0
الفريق حتاتة والمجلس الاستشاري

إنقاذ مصر بتحالف العظماء



بقلم أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

  بالرغم من بعض التجاوزات الإجرائية في لجان الانتخابات البرلمانية، وبالرغم من الإقبال الجماهيري غير المسبوق على التصويت، وبالرغم من فوز التيار الإسلامي (حزبي الحرية والعدالة والنور السلفي) بأكثر من 60% من المقاعد حتى الآن، إلا أن هذه الانتخابات تعد انتخابات بالغة الزيف والتضليل، كما تناول ذلك الكثير من المحللين، وذلك لأنها زيفت عقول الناخبين وأوهمتهم بالتصويت إما للكفر وإما للإسلام من ناحية، ثم ساقتهم إلى حيث لا يعلمون ما يفعلون وإلى أين يتجهون، من ناحية أخرى، ثم استغلت فاقتهم بحوافز البطون من زيت وسكر وصابون، من ناحية ثالثة، ثم أرهبتهم بهذه الغرامة الهائلة إذا تخلفوا عن التصويت كذلك. وأوقعنا بذلك المجلس العسكري، كما خطط منذ البداية، في مستنقع السياسة الدينية والصراعات الطائفية والأيديولوجية السياسية. وبدأ سلاح الدين السياسي، أو السياسة الدينية، الذي استخدمه المجلس العسكري يرتد ليصوب في صدر المجلس العسكري نفسه تارة ثم في صدر الثورة المستنيرة تارة أخرى. يا للحسرة، ما حاجتنا لكل هذا الصراع والتخبط، وقد كنا مهيئين لنخط بخطوط من نور على صفحات بيضاء ناصعة خطط بناء مصر الحديثة، بالأخلاق والعلم والإدارة والطاقة البشرية المصرية الهائلة، ما نطق به الشعب المصري الصابر من عيش وحرية وديمقراطية وكرامة وعدالة اجتماعية. أمام مؤسسة عسكرية تريد فرض هيمنتها التقليدية وتحقيق مصالحها الذاتية وأمام تيار إسلامي سياسي منفوش ظن أنه امتلك الإرادة الشعبية المصرية يسعى لأهداف أقل ما يقال عنها أنها خفية انتهازية، ثم ناهيك عن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية والعربية، يجد شباب مصر وأحرارها وقادتها الشعبيون المخل� �ون وكأنهم قد "غَرَقَ دُرَاهم" أو "وضعوا في حيص بيص"، ونجد حالات الاكتئاب والشعور بسرقة الثورة واستلابها وضياع دماء الشهداء وفقأ عيون المصابين وهرس عظامهم كل ذلك وقد ضاع هدرا. ولكن هيهات هيهات، فالحق لا يضيع ما دام وراءه مطالب. في ظل هذا الظلام، وذلك الاكتئاب، أدعو ثلاثة من عظماء مصر، لكي يتحالفوا من أجل إنقاذ مصر في المرحلة المقبلة، وهي مرحلة بناء رأس السلطة التنفيذية، مرحلة انتخاب رئيس الجمهورية واختيار نائب الرئيس وتشكيل الحكومة المدنية. ويجب أن تتمتع هذه السلطة التنفيذية ممثلة بصورة خاصة في رئيس الجمهورية بصلاحيات مناسبة، لا تكون فقط في مجرد الأمن الوطني والسياسة الخارجية، ولكن يجب أن يكون من صلب صلاحيات رئيس الجمهورية "تحقيق العدالة الاجتماعية"، فالعدل أساس الحكم، وإن لم يكن الحاكم عليه قائما فلا معنى لوجود هذا الحاكم، وخاصة في تلك المرحلة الانتقالية من ت طور مصر من شعب لا يملك قوت يومه ورأسماليين متوحشين ولصوص لا تشبع نهمهم أوزان الجبال ذهبا إلى دولة عصرية تتمتع بالكرامة والمواطنة والعدالة بكافة صورها. وربما يكون من أبسط صور إعطاء السلطة لرئيس الجمهورية لكي يحقق العدالة الاجتماعية أن تكون وزارة المالية، بطريقة أم بأخرى، تحت سيطرة توافق كامل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير المالية. وفي هذا السياق لابد أن يراعى دمج وزارة التخطيط والاقتصاد والاستثمار والمالية في وزارة واحدة، ونبتعد عن "العدد في الليمون" بالنسبة للوزارات واتباع فلسفة "إدارة عموم الزير" التي أبدعها مبدعنا العظيم توفيق الحكيم، حيث لا يجب أن يتعدى عدد الوزارات 15 وزارة لتحقيق التكامل والتنسيق الهيكلي وشمولية الأداء وهي كلها متطلبات وخصائص جوهرية للتنمية الفعالة. ونعود لإنقاذ مصر بتحالف العظماء لنقول أن هؤلاء العظماء الثلاثة هم الدكتور محمد البرادعي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والأستاذ حمدين صباحي. يمتلك هؤلاء الثلاثة مقومات كفاءة ووطنية وشعبية وقبول هائل لدي أطياف الشعب المختلفة وجميع فئاته. هؤلاء الثلاثة عينة فقط من أشراف وشرفاء وعظماء العديد والعديد من المصريين الذين تزخر بهم مصر وإن كان معظمهم كالذهب والماس المدفون بعيدا عن مرامي العيون. هؤلاء الثلاثة هم الأنوار التي يمكن أن تُخرج مصر من مستنقعها المعاصر، وهم الذين يمكنهم أن يحيوا رونق الثورة وانتعاشها وتحقيق مطالبها للشعب كله ابتداءً من رجال المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية الداخلية (الشرطة) حتى الفلاح الأجري وعامل الترحيلة وساكني العشوائيات. إن هذا التحالف يُبعد عنا الانتهازيين من مرشحي الرئاسة الآخرين الذين لا يهمهم إلا العظمة والسلطة وإشباع الغرور الذاتي والنزعة الأنانية حيث يتمثل ذلك في المداهنة للسلطة العسكرية تارة، وللشعب وساندوتشات الفول والطعمية والكشري تارة أخرى، وهم أصلا يفتقرون إلى تلك الروح الوطنية والتضحية من أجل الفقراء والشعبيين. يجمع العظماء الثلاثة البرادعي وأبو الفتوح وصباحي التقوى والضمير الحي والوطنية والإخلاص التام والهَم بآلام المواطن المصري المعذب والطموح لبناء مصر قوية كريمة حديثة، ثم يجمعهم أيضا الشعبية الكبيرة، والتكامل بين الخبرة الدولية والقدرة الإدارية والاتصالات الوثيقة بزعماء العالم والمستثمرين الكبار في العالم والصداقة مع زعماء الدول والاتجاهات القومية العربية والإفريقية والعالمية، كما يجمعهم التكامل بين ما اختلق للأسف في مصر مما يسمى بالتيارات اللبرالية واليسارية والدينية والقومية وغير ذلك من مسميات عقيمة ما أنزل الله بها من سلطان، والشباب بل وكثير من المثقفين لا يفقهون أصلا معنى كل منها. أنا كمصري ثوري، ولي الفخر، أتمنى أن أرى هؤلاء الثلاثة في السلطة التنفيذية المصرية، لأنهم لا يهتمون بأي منصب من خلاله يؤدون واجبهم الوطني الذي سيسجله لهم التاريخ في أول جمهورية ديمقراطية في تاريخ مصر المعاصر. لا يهمني، كما لا يهمهم أيضا، أي منهم يكون رئيسا للجمهورية، والآخر نائبا للرئيس، والثالث رئيسا للوزراء طالما أنهم سوف يسعدون بأداء واجبهم المقدس لبناء هذا البلد الذي كرمه الله في قرآنه، وشرفه رسل الله وأنبياؤه بعد أن كان أعظم حضارة في التاريخ ومنارا للإنسانية عبر الزمان. فهل نسعى ويسعى معنا شباب مصر لهذه الدعوة ويجعلها "غاية أو رسالة" أو "Cause" كما يسميها شبابنا الأحبة أبطال الثورة في الفيسبوك، وأن ينشرها بين المواطنين البعيدين عن تقنيات الاتصال الحديثة في الأرياف والعشوائيات؟

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم