وظائف خالية

كيف يمكن إنقاذ المجلس العسكري؟ روشتة الخروج المشرف.

اللهم "ارزق" مصر بـ "مُنْصِفٍ" لها وأَبْطل مكر حكامها وإخوانها
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
ماذا يريد المجلس العسكري؟ ليست "مظاهرة شوية عيال"

كيف يمكن إنقاذ المجلس العسكري؟ روشتة الخروج المشرف.



بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية


لن أدعي لنفسي فصاحة الأستاذ عماد أديب، وأنصح المجلس العسكري بكيفية الخروج الآمن الذي لم يقتنع به إلا زين العابدين بن علي (صاحب الخروج المشرف!!)، ولكن أرجو أن يطلع المجلس العسكري على السطور المتواضعة التالية.

لقد بلغ السيل الزبى، وأصبح المجلس العسكري قاب قوسين أو أدنى من السقوط. وكيف لا وهو يرتكب، مع المعذرة لسيادته، أخطاءً قاتلة دون أن يتعلم منها، ودون أن يتراجع عن مسيرته بإصرارٍ لو توافر لسيادته بعد عبور القناة في حرب 73 لربما كان لا زال محتلا لتل أبيب حتى الآن؟ فعندما يصل الأمر إلى تعرية النساء وكشف عذريتهم فإنما يدل ذلك على صفة لا يمكن ذكرها في هذا المقام، وكفانا ولولة على النخوة والشهامة والرجولة.

لا يمكن أن يُقْبَل تبرير هذا العمى عن الرشد وسلامة القرار بقلة الخبرة السياسية فقط، أو وجود مستشاري سوء فقط، وإنما لابد وأن تكون هناك دوافع شخصية جارفة تدفع المجلس العسكري إلى سلوكه الحالي خوفا على فقدان شيء معين يتشبث به، أكثر من سعيه نحو اكتساب شيء معين قد يكون هو في غنى عنه. ثم بجانب ذلك لابد أن يكون هناك شيء معين مرعب يخاف منه المجلس العسكري. ما هو هذا الشيء المعين الذي يخاف منه المجلس العسكري، وما هو ذلك الشيء المعين الذي يتشبث به؟ لو شخصنا ذلك لعلمنا أسباب الفشل الذريع للمجلس العسكري، وحينئذ فقط يمكننا معرفة العلاج والتوصل إلى روشتة الخروج المشرف.

أولا: ما هو الشيء المعين الذي يخاف منه المجلس العسكري؟ ليس هو القصاص، فلا زال للمجلس العسكري رصيد لدي الشعب بجميع أطيافه بما فيهم كاتب هذه السطور، ولكن الذي يخاف منه المجلس العسكري، في تقديري، هو أمور أربعة:

1.     الخوف من ثقافة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية فهما منافيان للثقافة العسكرية الدكتاتورية السلطوية المركزية المصرية. الجيوش الآن أصبحت منظمات علمية ديمقراطية إنسانية تخلو من "المِخْلا"، و "الدخْلية"، و "الطابور الزيادة"، و "الملوخية المطبوخة بورقها".

2.     الخوف من إسرائيل التي اشترطت عند قبولها السلام مع مصر حصولها على ضمانات من أمريكا بالعودة إلى احتلال سيناء إذا تغير النظام في مصر لغير صالح إسرائيل، وهو ما يمكن أن تقوم به إسرائيل اليوم في نزهة عبر سيناء بعد أن أصبحت تضع مركبة على القمر للتنزه هناك أيضا من خلال شباب مبدع ترعاهم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والرئيس الإسرائيلي.

3.     الخوف من المصالح الأمريكية التي تستلزم قبل ضمان أمن إسرائيل الاستمرار في سياسة الرأسمالية المتوحشة المعتمدة على حرية الأسواق دون ضوابط، والخصخصة المطلقة، والتجارة العالمية الحرة، والخضوع لسياسات أنياب القرش الأمريكية الثلاثة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية لضمان فتح الأسواق للإنتاج الأمريكي والاستهلاك الترفي المصري "والخيبة الاقتصادية المصرية القوية."

4.     الخوف من شعور الجيش المصري قادة وأفرادا بالعار نتيجة الأخطاء المتتالية للمجلس العسكري وإحساسه بعدم العدالة الاجتماعية بين أفراد الجيش نفسه وعدم الالتزام بشرف العسكرية ومهنيتة وتقاليده الرجولية مما قد يؤدي إلى انقلاب على المجلس العسكري وإشعال فتيل ثورة عسكرية شعبية للمرة الأولى في التاريخ المصري.

ثانيا: ما هو الشيء الذي يخاف المجلس العسكري على فقدانه؟ نقاط أربع:

1.  التوغل الاقتصادي الجارف للمؤسسة العسكرية حيث يسيطر المجلس العسكري على ما يقدر بحوالي 10% إلى 45% من الاقتصاد المصري حسب التقديرات المختلفة. يتمثل النشاط الاقتصادي للجيش في الصناعات العسكرية والصناعات المدنية والأشغال العامة والسياحة والتجارة. وهو يمتلك حوالي نصف مليون جندي ولديه إمكانيات عظيمة، ويمتلك مزارع خاصة  ومصانع في مختلف القطاعات الاقتصادية في مجالات الغزل والنسيج والملابس وقطاع التغذية والأسمنت وصناعة السيارات وشركات الخدمات وتجارة طفايات الحريق والأدوات الطبية والحاسبات المحمولة والتليفزيونات وماكينات الخياطة والثلاجات والمياه المعدنية ("صافي" هو اسم إحدى بنات الجنرال الذي يمتلك تلك الشركة) وزيت الزيتون والأدوات والأجهزة المنزلية والسياحة والفندقة في المناطق الشاسعة التي كانت عسكرية مغلقة، وشركات البنية التحتية ومنها بناء الجسور وهي كلها تخضع لإدارة عسكرية كاملة ويعمل بها بعض العسكريين المجندين. (هذه رؤية الخبير الألماني "توماس ديمل هوبر” والبروفيسور الأمريكي "روبيرت سبرينجبورج”  والخبير النمساوي "نوسباومر” ، والذين يستبعدون تخلي الجيش المصري عن هذه الامتيازات الاقتصادية للمؤسسة العسكرية التي اكتسبتها خلال فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك بالإضافة أيضا إلى أنها تسريبات عبرت عنها برقية مارجريت سكوبي عام  2008 للحكومة الأمريكية من ويكيليكس). وقد كان رفض العسكريين لجمال مبارك أساسا ليس بسببه الشخصي وإنما بسبب منافسته هو ورجال الأعمال المصريين من زمرته في السيطرة على الاقتصاد المصري ودور الحكومة المنتقص في هذا الاقتصاد، ويفسر هذا حبس عز والعادلي وجرانة والمغربي وهروب رشيد وبطرس غالي على سبيل المثال.

2.  لقد أسس عدد كبير من الضباط المتقاعدين شركات كبرى وانضموا بذلك إلى فئة كبار رجال الأعمال حيث حققوا "بلايين وبلايين وبلايين الدولارات" حسب تعبير البروفيسور "سبرنجبورج". والمستفيد الأعظم هنا هو هذه الفئة دون مشاركة القاعدة السفلي من الكوادر العسكرية، كما لا تخضع تلك الثروة لأي نوع من الرقابة المالية سواء من وزارة المالية أو مجلس الشعب أو أي جهة رقابية أخرى معروفة، ومن ثم تغيب الشفافية ولا يعرف أحد ميزانية المؤسسة العسكرية وثرواتها، خاصة مع عدم قيام المؤسسة العسكرية بدفع ضرائب، وتشغيلها لعمالة رخيصة مجندة، وشرائها أراضي الدولة بشروط ميسرة، ولا تكشف شيئا من ذلك للبرلمان أو للشعب.

3.  السيطرة السياسية التقليدية المكتسبة للمؤسسة العسكرية بداية بحكم محمد نجيب ثم جمال عبد الناصر ثم أنور السادات ثم مبارك مما أدى بالمؤسسة العسكرية إلى عشق شهوة السلطة والنفوذ والهيمنة والتهليل والتكبير من جانب المنافقين لها والمنتفعين من ورائها والخائفين من المستقبل الضبابي والآمنين في أحضان قَوِي يحميهم؟

الخلاصة والحل: لقد أصبح الجيش في عصر مبارك ديناصورا اقتصاديا وسياسيا، لضمان الولاء لهذا الطاغية، وتحول الجيش عن مهمته العسكرية الأولى ومهنيته الحربية وتصنيعه الحربي إلى التجارة والاستهلاك على حساب الثروة المصرية البشرية والمادية والطبيعية المستغلة بأبخس الأثمان، وأصبح جنرالاته الكبار منتفعين بشكل هائل من هذا التحول. ومن ثم فيتطلب الخروج المشرف للمجلس العسكري الاعتراف بهذا الواقع والإعلان عنه للشعب، وإعلان نية التخلي التدريجي عن هذا الواقع، والتحول إلى جيش حربي مهني يهتم بالتصنيع العسكري بجانب المؤسسات المدنية في ذلك أيضا. والمسارعة في تحقيق بعض من مطالب الثورة في الفترة القصيرة التي يجب أن تستمر حتى يونيو 2012 بشرط إظهار نية الإصلاح والتنمية والاعتذار بالأفعال لا بالأقوال عما حدث في حق مصر في المرحلة الانتقالية، وإلا فسوف يساق الشعب إلي مواجهة الجيش على غرار الثورة الليبية والسورية واليمنية، ولتحقيق ذلك فيمكن بعد إعلان النية الثورية من جانب الجيش أن يستعين برجال مصر الثقات وليس المنافقين الذين يهرولون لسيادته عند الاستدعاء. ومن أمثال أولئك الشرفاء الثقات البرادعي (الذي لم يلفظ قولا مشينا لأحد على الإطلاق) وكذلك زويل ومحمد غنيم وحسام عيسى وعبد الجليل مصطفى وأبو الفتوح وصباحي ودراج والشوبكي وزياد العليمي ومصطفى النجار والأسواني وفضل وعيسى والزعفراني وآخرين كثر من أمثال هؤلاء مع تجنب أصحاب المواقف المتلونة، وأنتم سادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلم بهم، أظن ذلك.

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم