وظائف خالية

شرعية خالتي نوسة وبرلمان الشيخ خميس

خالد علي وعمرو موسى وخوفي من الشاطر
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
موقف مواطن من الإسلام السياسي والإخوان والسلفيين

شرعية خالتي نوسة وبرلمان الشيخ خميس


بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية


أخيرا ضِقْت ذرعا ونفد صبري على تأجيل كتابة مثل هذا المقال. يوم الجمعة الماضي كنت في قريتي في أمعاء الدقهلية الدقيقة لأداء واجب العزاء في قريب لي، وبعد أداء المهمة سألت أخي الصغير، ذلك الفلاح، "سيد الزرقاوي" الذي كان طفلا نشأ في منزلنا ليعد القهوة لوالدي رحمه الله وهو الآن يرعى منزلنا المهجور هناك، سألته حتنتخب مين يا سيد، فقال "أاه"؟ وكأني أكلمه بالإنجليزية، وبعد إعادة السؤال قال "إحنا بنروح عند اللجنة ويقولوا لنا هناك خش علم على دي واللا دي"، فقلت له من الذي يقول ذلك؟ قال حمزة مختار (وهذا مهندس مدني مقيم بالقرية) أو بكر بن وداد (وهذا فلاح مستنير). إذن القرية (عشرة آلاف نسمة) يقرر نجاح المرشحين فيها أربعة أو خمسة (وهم أيضا في الغالب مُضَللون). يا قوم.. يا متعلمون ..ويا من سمعتم عن علم الإحصاء "هل هذا تمثيل حقيقي؟"

الحاجة سعاد، الله يديها الصحة، التي تساعد زوجتي منذ عام 1969 في صيانة منزلنا قالت أن الجماعة السُنيين أخذوا بطاقاتنا أنا وبناتي (ستات كبار) أيام الانتخابات وهددونا بأن المساعدات ستنقطع لو لم يأخذوها فأعطيناها لهم، وأمثالنا كثير في زعربانة، الحي الشعبي الذي يعيشون فيه. "هل هذا تمثيل حقيقي؟"

بلاش كده، أنا الأستاذ الجامعي المهموم بالسياسة بعد الثورة، عملت إيه في الانتخابات البرلمانية السابقة؟ اخترت الكتلة لمجرد خلق معارضة في البرلمان، ولا أعلم أحدا في الفردي نهائيا سوى المستشار الخضيري الذي اخترته لأني لا أحب رجال الأعمال الناشئين في عهد مبارك مهما صرفوا وتصدقوا على الغلابة لأن مالهم حرام ومنهوب أصلا من هذا الشعب وتلك الدولة الصابرة. "هل هذا تمثيل حقيقي؟"

طبعا أنت يا "بتاع الشرعية" ستقول لي: "إنت عاوز إيه؟ إذا كنت انت مش فاهم حاجة وشعبك مثلك، إمال عاوزين ديمقراطية ليه؟" أقول لك أنا مش عاوز حاجة، بس احنا رضينا بالهم والهم مش راضي بينا". أقول لك أيضا أنا موافق على نتيجة الانتخابات، بس أريد أن أقول لك يا بتاع الشرعية، بالله عليك ارحم الشعب وكن في صفه، وخليك مع أهداف الثورة. صحيح نحن نتعلم الديمقراطية وليس هناك من سبيل أفضل منها سوى الدكتاتورية المخلصة وقد أثبت التاريخ فشلها.

بتاع الشرعية هذا (Mostafa Ibrahim · PhD at University of Sheffield) هو الذي دفعني لكتابة هذا المقال، هو الذي رد علي في تعليقه على مقالي السابق بعنوان "دعونا نحزن، وانتظروا أنتم يوما تشخص فيه الأبصار"، ويا ليت القارئ يعود لهذا المقال ورابطه:

http://www.almogaz.com/opinion/news/2012/03/4/208975

قال هذا الدكتور "بتاع الشرعية" وهو دكتور في جامعة شيفيلد البريطانية، قال: "والله انا حاسس ان فيه حد بيطبخ عشان يرجع ويقلب البلد وينقلب علي الشرعيه." فرددت علي تعليقه هذا وقلت "لا تخف يا دكتور يا شرعي، فنحن لا نطبخ كما يفعل الطباخون المحترفون، كما لا نكذب كما يفعل الكذابون، ويا ريتك تفهم معنى كلمة PHD، حاول أن تبحث عنها بنفسك إذا كنت باحثا حقيقيا." وأنا أعتذر له هنا عن هذا الرد الشديد الذي لا ألجأ إليه إطلاقا، ولكن والله ما دفعني إليه سوى أنه حاصل على الدكتوراه، ثم يرى أن هناك شرعية حقيقية في مصر الآن.

الناس المهذبون أمثال الدكتور علاء الأسواني والأستاذ بلال فضل يقولون عن الانتخابات البرلمانية السابقة أنها "نزيهة ولكنها غير عادلة وغير ديمقراطية"، أما أنا فقد قلت عنها "أنها أكبر انتخابات مزيفة في تاريخ مصر بالرغم من صدق الصناديق، لأنها زيفت العقول وزيفت قواعد اللعبة قبل بلوغ الصناديق". وفي النهاية دعونا ننظر إلى مجلس الشعب ولو حتى من حيث الشكل الخارجي، هل هذا يعبر عن الشعب المصري؟ لا ستات، ولا أقباط، ولا جلاليب فلاحي، ولا مناظر عمال ناهيك عن التمثيل العقلي الغائب للشعب المصري وغياب التعبير عن آماله وطموحاته التي عبر عنها الشعب في الميدان.

الخلاصة: الشرعية هي حكم "السٌلْطة Authority" وليس حكم "الإذعان Power". الشرعية هي طاعة المحكومين للحاكم بشرط تفويضهم له لاتخاذ القرار. الشرعية هي قبول المحكومين لحكم الحاكم الذي اختاروه بإرادتهم الواعية ليحكمهم. هذا وتتحقق الشرعية في نظم الحكم الحديثة من خلال الديمقراطية. والسؤال الآن هل نحن نعيش الآن في حالة "شرعية الديمقراطية" أم في حالة "شرعية خالتي نوسة"؟

1.    "قرر الرئيس مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد"، أي تخلى المخلوع فعلا، كما لو كان بإرادته وليس رغما عنه، ثم ترى الفُجْر يتجلى بأن يكلف، وهو مخلوع، المجلس الأعلى لإدارة مصر. إذن فالمخلوع لم يقبل الشعب تكليفه، ولا المجلس الأعلى قد كُلف بقبول الشعب. فهذا معناه أن المجلس الأعلى لم يكتسب قبولا شعبيا لأداء تلك المهمة، أي أنه قد غابت عنه الشرعية، ومن ثم فهو يحكم بالإذعان، وبالقوة غير الشرعية، والقهر Oppression and illegitimate power. وقد تجلى هذا القول في تمسكه بالحكم الذي كان سيستمر حتى 2013، ثم في نتائج حكم الفترة الانتقالية التي أجهضت الثورة ورسخت النظام السابق وتجاهلت تماما تحقيق أي من مطالب الثورة الشعبية المجيدة.

2.    إذا كان حكم المجلس الأعلى غير شرعي بنسبة 100%، فإن حكم البرلمان هو أيضا غير شرعي بنسبة 80% على الأقل، وأقصد بالأرقام أنه للإنصاف به نسبة قليلة من الشرعية احتراما وتقديرا لمن وصلوا إليه بالطرق الشريفة، ولن أفصل هنا في جوانب التزييف التي يعلمها المزيفون أنفسهم قبل الغافلين من أتباعهم.

3.    هل تتسم القوانين التي تحكمنا الآن منذ أيام مبارك، والاستفتاء (19 مارس)، والإعلانات الدستورية وما تمخض عنها من قوانين بالشرعية والقبول؟ يكفي ما قاله عنها الفقهاء العظام وعلى رأسهم الدكتور ابراهيم درويش أنها "عك دستوري".

4.    هل يمثل قهر الشرعية الدستورية، بتأجيل الدستور حتى اليوم، وهل يمثل قهر الشرعية الثورية وصوت الجماهير في الميدان "عيش حرية كرامة عدالة اجتماعية" حالة من الشرعية؟ الإجابة بديهية.

5.    هل تتمثل الشرعية الحقيقية في أن يحكم مصر ذراع جماعة الإخوان المسلمين؟ تلك الجماعة التي هي في حد ذاتها غير شرعية، وأقصد هنا بالتحديد غير قانونية، جماعة غير مسجلة في سجلات المجتمع المدني، ثم أنها جماعة دولية أكثر منها محلية، ثم أنها جماعة لا يعلم سر أهدافها وتمويلها واتصالاتها الدولية إلا الله سبحانه وتعالي. مأساة والله أن نغلق ونداهم ونحاكم جماعات حقوق الإنسان ثم نترك جماعة الإخوان المسلمين تحكمنا وتتعانق مع الخواجات.

وفي النهاية، ارحمونا يا بتوع الشرعية وخاصة أنتم يا أعضاء برلمان الحرية والعدالة والنور الفرحين بما آتاهم الله من ابتلاء شديد يظنونه خيرا لهم، ارحمونا أنتم وفلول نظام الطاغية من ادعاء الشرعية. ونقول في النهاية اللهم احيي ثورتنا الحبيبة كما أنشأتها أول مرة، سبحانك اللهم وحدك يا من تقول للشيء كن فيكون، ثم وحد الله وصلي على الحبيب يا "بتاع الشرعية".

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم