وظائف خالية

الرئيس القوي وأستاذنا الدكتور عكاشة الأقباط والانتخابات الرئاسية
Total online: 5
Guests: 4
Users: 1
ahmonad خطورة أبو الفتوح وأخلاقيات الكاتب

الرئيس القوي وأستاذنا الدكتور عكاشة


   بقلم       

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

15 مايو2012

اليوم في "المصري اليوم"، ص 11، انفرد أستاذنا المحبوب الدكتور احمد عكاشة بصفحة كاملة، ولكن نصفها صور لسيادته، عنوانها "الشعب يبحث عن قائد قوي من الثوار أو الفلول."

نقطتان كنت أبحث عنهما في هذا التحقيق: من هو الرئيس القوي، هذه واحدة، والأخرى تقييم مرشحي الرئاسة الحاليين من حيث تلك القوة. لم أجد إجابة في كل هذه الصفحة إلا أن أستنتج أن الرئيس القوي هو الذي يعيد هيبة الدولة ويطبق القانون، وأما رؤيته للمرشحين فهي سلبية للغاية حيث لم ير الدكتور عكاشة فيهم أحدا مناسبا لأنهم كبار مصابون بتصلب الشرايين، ومصر تحتاج لشاب، ومع ذلك لم يعجبه الشاب، والشاب جدا، خالد علي.

أستأذنك يا أستاذي الدكتور عكاشة، وأنا أعنيها فعلا، أن أتطاول في هذا المقال وأحاول أن أجيب عن هذين السؤالين. من هو الرئيس القوي؟ ومن أكثر المرشحين قربا من هذا الرئيس القوي؟

أولا: من هو الرئيس القوي؟ بداية يظن العامة من الناس أن الرئيس القوي هو الذي تدعمه قوة يستمد منها قوته مثل الرئيس العسكري الذي يستمد قوته من الجيش، أو في حالنا الآن، قد يرى الناس أن الرئيس القوي هو الذي يدعمه النظام المباركي الخفي السابق ابتداءً من العادلي وتابعيه الآن مع رجال الأعمال وكبار اللصوص والمستفيدين من النظام السابق بكل ما يمتلكونه من مال وبلطجية وقنوات فضائية مفسدة وربما بتعاطف من جانب المجلس العسكري، ومن ثم فهو رئيس "فِلٌ"، وقد يرى آخرون أن الرئيس القوي هو الذي يضع في صدر برنامجه الانتخابي استعادة الأمن في 24 ساعة، ويتقوى بالقانون "سأفرمه ... بالقانون"، رحمك الله يا سادات. الحقيقة كما أراها هي غير ذلك تماما، الرئيس القوي هو الذي يجب أن تتوافر فيه معظم الخصائص التالية قدر الإمكان، حيث نكون غافلين إذا توقعنا أو انتظرنا أو تمنينا "رئيسا سوبرماناً أو رجلا أخضرا" لا يقدر عليه إلا القدرة، هذه الخصائص هي:

1.  التقوى، الرئيس القوي هو الرئيس الذي إذا ما تم اختياره بشعبه، يذهب إلى بيته فيبسمل، ويبدأ بحمد الله ويصلي ركعتي شكر، ويلح في دعاء المولى سبحانه وتعالى أن يعينه على العدل، ويمكنه منه، ويرجو مدده ورشده جل شأنه وتعالى، ومن ثم فهو لن يخاف في الله لومة لائم.

2.  الطهارة والنزاهة: "رئيس غير "ملطوط"، ليس عليه ذلة، ليس علي رأسه بطحة، ليس له ملف سري يهدد حريته. هذا الرئيس سوف يكون قويا لأنه حر لا يخضع لذنبه السري، أو لمن يملك تهديده بهذا الذنب. هل هو شفيق؟ عمرو موسى؟ مرسي؟ أبو الفتوح؟ العوا؟ أم صباحي؟

3.  حب الشعب بكل طوائفه، من دعموه ومن لم يدعموه. إذا نجح شفيق مثلا فهو ينظر إلى مرسي على أنه أخوه ومن رعيته، وهو من مسئوليته، ولا يُشعره بالهيمنة والقوة وكبح الشكيمة. إن هذا الحب الحقيقي يشع من الرئيس ويرتسم على وجهه، ويبني أهم علاقة بين الحاكم والمحكوم وهي الثقة. هذه الثقة هي أحد أسرار قوة الرئيس.

4.  الخلو من الدين (أقصد الامتنان) لأي قوة مكنته من اعتلاء كرسي الرئاسة. شفيق وعمرو موسى على سبيل المثال، لا ينكر أحد أن المجلس العسكري ونظام مبارك الجاثم على أنفاس الدولة حتى الآن، بالإضافة إلى الدول المجاورة ذات الثراء الفاحش يتمنون جميعا أن يكسب أحدهما سباق الرئاسة. ومن ثم فنحن نظن، منطقيا ودون دليل رسمي، ونتوقع أن يدين هذان المرشحان لهذه القوى، ولن يكون أحدهما حرا، مهما قال غير ذلك، في اتخاذ ما قد يراه في صالح الدولة إذا ما كان يتعارض ذلك مع مصالح تلك القوى المحافظة. نفس المنطق يخضع له بصورة فجة الدكتور مرسي خاصة والدكتور أبو الفتوح أيضا نظرا لأنهما سوف يدينان لأهل تيار الإسلام السياسي الذين لا يبنون دولة ولا يقيمون نهضة ولا يشغلون بالهم إلا باعتلاء الحكم وتوافه الأمور كالختان والزواج والمرأة، وإلغاء المجلس القومي للمرأة، والإنترنيت والهجوم على الإعلام وحرية الرأي والفن والتماثيل وما إلى ذلك من مظاهر التدين البدوية بالإضافة إلى أحلام فاشية طوبوية خيالية كالخلافة وأستاذية العالم.

5.  الديمقراطية، فالرئيس الديمقراطي قوي يستمد قوته من تقدير المحكومين له مقابل تقديره الأصيل والحقيقي لهم. فالرئيس الديمقراطي بعد حبه لشعبه، كما سبق الذكر، ينصت للشعب إنصاتا متلازما مع تقديره الأصيل لآلام الشعب وآماله، ينصت بأذنين ويتحدث بلسان واحد، يؤمن أن الشعب فعلا هو مصدر كل السلطات، لا يرى في التراجع عن الخطأ ضعفا، ويرجع للحق كلما تبين له، ويعترف بأخطائه ويتحمل مسئولياتها، ويوكل النجاح للشعب ولمن ساهموا فيه ولا يفرح بالمديح، ويتقبل النقد ويسعد به دون توتر أو انفعال، ويسعى دائما للتواصل مع الشعب على غرار "حديث المدفأة" الذي ابتدعه الرئيس الأمريكي العظيم فرانكلين روزفلت عبر الإذاعة قبل اختراع التليفزيون وذلك أثناء فترة الانكماش العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.

6.  القدرة على التأثير، وكسب طاعة الشعب التطوعية وليس القهرية. هناك فرق بين امتلاك الرئيس للسلطة الشرعية Authority، وامتلاكه لقوة البطش غير الشرعية Illegitimate power. غاندي ونهرو وعبد الناصر كانوا يمتلكون قوة زعامية وتأثيرا ملهما، بينما كان صدام حسين مؤثرا بقوة البطش غير الشرعية. هناك فرق بين الرئيس المؤثر المعشوق والرئيس الظالم. الأول هو القوي والثاني هو الضعيف.

7. القدرة على تفعيل نظام فعال من الثواب والعقاب، ولا يعني ذلك الإرهاب بتطبيق القانون وكثرة التلويح بالقمع، وإنما يعني إعطاء كل ذي حق حقه، وهنا يتجلى محور آخر من محاور العدل والعدالة، أم الفضائل، وخاصة من جانب الحاك.

ثانيا: من مرشحي الرئاسة الحاليين هو الرئيس القوي؟ لو اتفقنا علي المعايير السابقة وطبقناها على أبرز مرشحي الرئاسة يتضح أن الرئيس القوي الأول هو السيد/ حمدين صباحي، يليه الدكتور سليم العوا، يليه السيد/عمرو موسى، يليه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، يليه الدكتور محمد مرسي، ثم أخيرا الفريق أحمد شفيق. ويلاحظ هنا أنه بتطبيق تلك المعايير نصل إلى مفاجأة غريبة وهي كون الفريق شفيق هو أضعف الرؤساء بالرغم من أن 90% ممن سيقرؤون هذا المقال لنهايته سيختلفون مع هذا القرار ظنا منهم أن الفريق شفيق عسكري مدعم بالجيش والنظام المباركي العتيد، وهنا سيقولون أن كاتب هذا المقال رجل مخبول. ولكن إذا لم يتحول الفريق شفيق فورا بعد انتخابه 180 درجة، فانتظر ثورة هذه المرة لن تكون سلمية وتوقع عصرا تمرح فيه إسرائيل والمحروسة أمريكا على تلال مصر وأطلالها، وأخاف أيضا لحظتها أن يستمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في اتباع سياسته أثناء المرحلة الانتقامية، يشاهد ويقول أنه بعيد عن كل الأطراف بمسافات متساوية.

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم