أوبرا عايدة .. أن أكون مزعجاً رغم أنفي
بقلم:
18 Jun 2011
اندجامينا القاهرة .. ذهاب و عودة
Total online: 1 Guests: 1 Users: 0
سوق ليبيا بمرسى مطروح .. شاهدٌ صيني على العلاقات بين مصر و ليبيا
طبعاً الكل يعرف تلك الأوبرا الشهيرة حتى لو لم يكن من هواة فن الأوبرا .
كما أن محبي هذا الفن ، و المتيمون بقصة
العشق و التضحية المؤثرة ، تبهرهم العروض التي دأبت الأوبرا المصرية على
عقدها بين حين و آخر عند سفح الهرم فيمتعهم ليس فقط أداء فناني الأوبرا
لكن أيضاً الجو العام المحيط من إطلالتهم على الأهرام الشامخة ، و ترقبهم
أبي الهول يحدق نحو الشرق بنظرته الهائمة و وجهه شبه المبتسم القديم .
لكن ماذا يحدث عندما تأتي من آخر بلاد
الدنيا و تكلف نفسك تذاكر طيران و حجوز فنادق و تذاكر لدخول العرض ثم تجد
أمامك في مواجهة عينيك منصات فوقها مصورون تليفزيونيون بكاميرات نقل خارجي
ضخمة لا يستطيعون إزاحتها من أمامك ، و حتى لو استطاعوا لحجبوا الرؤية عن
زوجك التي تجلس بجوارك أو شخص آخر في نفس الصف ؟!
بالأمس كنت أنا واحداً من هؤلاء ، و شاركت
في تنغيص المشاهدين و تكدير صفوهم رغماً عني ، و رغم أن الحفل كان رائعاً
أشاد به المختصون .
منذ اللحظة الأولى لدخولى ساحة العرض مع
المصورين الآخرين تعجبت من مكان وضع الكاميرات و وجدت أن الزملاء الآخرين
لهم نفس الرأي ، لكن أحداً لا يستطيع تغيير الواقع في الساعات الأخيرة
ببساطة لأن المشكلة ليست فقط في أماكن الكاميرات ، المشكلة الحقيقية في أن
تصميم المسرح من الأساس كان يجب أن يحدد فيه أماكن كاميرات النقل الخارجي ،
و أيضاً كاميرات القنوات الإخبارية التي ستقوم بتغطية الحفل ، طبعاً بناء
على دعوات من المنظمين ( مسئولي الإعلام ) الذين يهمهم دون شك أن توضع
أخبار الحفل في كل نشرات الأخبار العالمية .
المشكلة بوضوح أشد هي في الانفصال بين عمل كل عنصر عن الآخرين ، و هي ثقافة أصيلة عندنا ؛ نصنع دائماً مارش الفوضى* و نعتمد أن تسير أمورنا " ببركة دعاء
الوالدين " فإذا وقعت مشكلة يلقي كل واحد اللوم على الآخرين و في الحقيقة
يملك الجميع دليل براءته لأنه فقط كان مسئولاً عن ما تحت قدميه و يؤدي عمله
على أكمل وجه أما ما عدا ذلك فثمة آخرون كان عليهم القيام به .
هذا نفسه دليل إدانة ، فكيف يكون فريق
العمل مهتما بكل التفاصيل و في نفس الوقت ليس هناك من يهتم ب ( كل )
التفاصيل ، ليس هناك من يراقب الصورة العامة ، الكاملة ، الكلية و ينسق
التفاعل بين الجميع .
أذكر عند مشاركتي في نقل حدث مماثل لقناة
أجنبية أننا تواجدنا لعدة أيام قبل الحدث ، و الكل يدرس دوره الذي كان
محدداً بدقة شديدة ثم في اليوم الأخير قبل النقل المباشر و أثناء البروفة
الجنرال كان كل شيءٍ في مكانه بما في ذلك الجمهور حيث حرصنا على حضور جانب
من الجمهور ليكون في الإمكان دراسة جميع الاحتمالات ، و كل الأخطاء أو
الهفوات التي وقعت في البروفة لم تمر بنا نهائياً أثناء العرض ، بل أعتقد
أنني لو أردت أن أخطئ لما استطعت .
هذا هو الفرق بين ثقافتنا كمصريين و عرب ، و ثقافات أخرى تدرك أن الصورة نتاج تآلف العناصر ، و ليس تلفيق مجموع التفاصيل .
___________________
* مارش الفوضى :
هو تعبير أطلقه أحد القادة العسكريين عندما زار دولة ناشئة و كان حاكم هذه
الدولة زار دولة الضيف قبل ذلك و أبهره ما استقبلوه به من حرس شرف و فرقة
موسيقى عسكرية تعزف النشيد الوطني ، فأمر بجمع موسيقيي بلده ليستقبل الضيف
بحفاوة مسبقة ، و أمرهم أن يبدأوا بالعزف معاً عندما يرفع يده ، و هو ما
كان .. طبعاً حدثت فوضى شديدة و نشاز مزعج مما جعل الضيف يقول : هذا مارش
لكنه مارش الفوضى.
طبعاً الكل يعرف تلك الأوبرا الشهيرة حتى لو لم يكن من هواة فن الأوبرا .
كما أن محبي هذا الفن ، و المتيمون بقصة العشق و التضحية المؤثرة ، تبهرهم العروض التي دأبت الأوبرا المصرية على عقدها بين حين و آخر عند سفح الهرم فيمتعهم ليس فقط أداء فناني الأوبرا لكن أيضاً الجو العام المحيط من إطلالتهم على الأهرام الشامخة ، و ترقبهم أبي الهول يحدق نحو الشرق بنظرته الهائمة و وجهه شبه المبتسم القديم .
لكن ماذا يحدث عندما تأتي من آخر بلاد الدنيا و تكلف نفسك تذاكر طيران و حجوز فنادق و تذاكر لدخول العرض ثم تجد أمامك في مواجهة عينيك منصات فوقها مصورون تليفزيونيون بكاميرات نقل خارجي ضخمة لا يستطيعون إزاحتها من أمامك ، و حتى لو استطاعوا لحجبوا الرؤية عن زوجك التي تجلس بجوارك أو شخص آخر في نفس الصف ؟!
بالأمس كنت أنا واحداً من هؤلاء ، و شاركت في تنغيص المشاهدين و تكدير صفوهم رغماً عني ، و رغم أن الحفل كان رائعاً أشاد به المختصون .
منذ اللحظة الأولى لدخولى ساحة العرض مع المصورين الآخرين تعجبت من مكان وضع الكاميرات و وجدت أن الزملاء الآخرين لهم نفس الرأي ، لكن أحداً لا يستطيع تغيير الواقع في الساعات الأخيرة ببساطة لأن المشكلة ليست فقط في أماكن الكاميرات ، المشكلة الحقيقية في أن تصميم المسرح من الأساس كان يجب أن يحدد فيه أماكن كاميرات النقل الخارجي ، و أيضاً كاميرات القنوات الإخبارية التي ستقوم بتغطية الحفل ، طبعاً بناء على دعوات من المنظمين ( مسئولي الإعلام ) الذين يهمهم دون شك أن توضع أخبار الحفل في كل نشرات الأخبار العالمية .
المشكلة بوضوح أشد هي في الانفصال بين عمل كل عنصر عن الآخرين ، و هي ثقافة أصيلة عندنا ؛ نصنع دائماً مارش الفوضى* و نعتمد أن تسير أمورنا " ببركة دعاء الوالدين " فإذا وقعت مشكلة يلقي كل واحد اللوم على الآخرين و في الحقيقة يملك الجميع دليل براءته لأنه فقط كان مسئولاً عن ما تحت قدميه و يؤدي عمله على أكمل وجه أما ما عدا ذلك فثمة آخرون كان عليهم القيام به .
هذا نفسه دليل إدانة ، فكيف يكون فريق العمل مهتما بكل التفاصيل و في نفس الوقت ليس هناك من يهتم ب ( كل ) التفاصيل ، ليس هناك من يراقب الصورة العامة ، الكاملة ، الكلية و ينسق التفاعل بين الجميع .
أذكر عند مشاركتي في نقل حدث مماثل لقناة أجنبية أننا تواجدنا لعدة أيام قبل الحدث ، و الكل يدرس دوره الذي كان محدداً بدقة شديدة ثم في اليوم الأخير قبل النقل المباشر و أثناء البروفة الجنرال كان كل شيءٍ في مكانه بما في ذلك الجمهور حيث حرصنا على حضور جانب من الجمهور ليكون في الإمكان دراسة جميع الاحتمالات ، و كل الأخطاء أو الهفوات التي وقعت في البروفة لم تمر بنا نهائياً أثناء العرض ، بل أعتقد أنني لو أردت أن أخطئ لما استطعت .
هذا هو الفرق بين ثقافتنا كمصريين و عرب ، و ثقافات أخرى تدرك أن الصورة نتاج تآلف العناصر ، و ليس تلفيق مجموع التفاصيل .
___________________
* مارش الفوضى : هو تعبير أطلقه أحد القادة العسكريين عندما زار دولة ناشئة و كان حاكم هذه الدولة زار دولة الضيف قبل ذلك و أبهره ما استقبلوه به من حرس شرف و فرقة موسيقى عسكرية تعزف النشيد الوطني ، فأمر بجمع موسيقيي بلده ليستقبل الضيف بحفاوة مسبقة ، و أمرهم أن يبدأوا بالعزف معاً عندما يرفع يده ، و هو ما كان .. طبعاً حدثت فوضى شديدة و نشاز مزعج مما جعل الضيف يقول : هذا مارش لكنه مارش الفوضى.