وظائف خالية

أوهام قوة مصر الناعمة بوستر مهرجان البحر الأحمر السينمائي.. تغيير مفاهيم من السعودية تتغير إلى صورة السعودية تتغير
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
في معرض الكتاب.. ثقافة الحكومة تكسب






 
  للأسف، كل من يتحدث عن القوة الناعمة.. قوة مصر الناعمة.. فنها، وفنانيها، إعلامها، وأعلامها؛ أقول لهم: "تؤ"، وتؤ بالمصري تعني "ما فيش"، وما فيش بالمصري تعني لا يوجد.. أما "لا يوجد" هذه ليس لها ترجمة، لأنها لا تحتاج؛ البعرة تدل على البعير، وحالنا لا يدل إلا على السعير.. أعاذنا وأعاذكم الله منه.

  لماذا يبدو أننا متشائمون؟

  ببساطة لأن مجرد الحديث عن "قوة ناعمة" يحولها من النعومة إلى الخشونة، يجعلها قوة غاشمة، تستلزم من الآخرين دفع غشومتها والدفاع عن هويتهم ضدها، وبذلك تفقد تأثيرها إن كان -لازال- لها تأثير.

  هل يظن أحد أن أم كلثوم -مثلاً- عندما كانت تقف على المسرح، وتغني فتطرب السامع، وتغني الطامع، هل كانت تفعل ذلك بهدف السيطرة على رواد مسرحها، أو طمس هوياتهم، أو كسب حرب ما؟!

  بالتأكيد، هي أو غيرها لم يفعلوا ذلك، كانوا فقط يمارسون فنونهم من أجل التعبير عن أنفسهم، أو إمتاع الناس، أو حتى أكل العيش.. كانوا فقط يمارسون الفن، ولم يفكروا يوماً في صراعات قد يربحونها.

  هل كان فنانو مصر ينشرون اللهجة المصرية بين العرب، وحتى بين الأجانب الذين يتعلمون العربية، ولهم أي أطماع في جمهورهم، هل فكر في ذلك فريد الأطرش ذو الأصل اللبناني الدرزي، أو نجيب الريحاني ذو الأصل العراقي، هل فكرت في ذلك وردة الجزائرية، أو علي أحمد باكثير الحضرمي اليمني المولود في إندونيسيا، أو أمير شعراء العرب أحمد شوقي الذي جمع في أصوله بين الأب الكردي، والأم التركية الشركسية، والجدة اليونانية، وفي النهاية كتب ليغني عبدالوهاب: "النيل نجاشي، حليوة أسمر".

  كل هؤلاء وغيرهم كثيرون.. القائمة طويلة، بين فنانين مصريين، أو مصريي المولد والنشأة، أو حتى وافدين إلى مصر، جميعهم ساهموا في أن تكون لمصر مكانتها في قلوب وعقول العرب.. على اختلافهم اتفقوا في أن هدفهم الحب والسلام، وطريقهم الفن.. الفن الخالص الذي لا تشوبه شائبة طمع في مكسب سياسي، أو وجود غاشم.. ذلك ما جعلهم قوة.. قل قوة ناعمة أم غير ذلك؛ هم دون شك قوة، ومصر بهم صارت قوية، كل المطلوب من الأرض العائلة أن تكون أمناً، وأماناً للجميع، وهذا ما وفرته مصر يوماً للجميع، فصاروا قوتها في عنفوانها، ولازلنا نعيش بقوة، وعظمة هذه الأيام وعليها حتى اليوم، أما المزايدون بفكرة القوة الناعمة، والذين دأبوا على التلويح بها؛ هؤلاء يفقدون المفهوم قيمته، ويعذبوننا، ويزعجون الجميع فقط لإحراز بعض المكاسب الشخصية، يريدون إقناع السياسيين والعسكريين وسواهم أن لديهم القدرة على كسب المعارك، وتركيع الآخرين.. للأسف كثيرون يصدقون ذلك، ويجعلون أمثال هؤلاء يعيشون "على أقفيتهم" منتفعين يدَّعون القوة، ويدْعي عليهم الضعفاء.. والفنانون المبدعون الحقيقيون.

 
أحمد صلاح الدين طه
9 فبراير 2020
dedalum.info@gmail.com
 



















 

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم