وظائف خالية

عفاريت دينا الوديدي وشياطين نسمة عبد العزيز وملائكة وزيرة الثقافة كورونا يحارب الإبداع
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
أذان وسط البلد في مهرجان دندرة للموسيقى والغناء بقنا

 
 

  نجاح رائع تحققه حفلات مهرجان دندرة للموسيقى والغناء.. حتى لو لم يكن لها -حتى الآن- عائد مادي مباشر يرجى، لكنها تحقق ثورة ثقافية، وتغيير مفاهيم، وزراعة قيم أهم من أي عائد مادي.. يستحق أن ينفق عليه الكثير لأنه جزء هام للغاية من بناء الإنسان، هذا بخلاف عائد اقتصادي غير مباشر.. يصب في جيوب فئات كثيرة من المواطنين المحليين الذين يقدمون خدمات موازية سينعشها دون شك زخم الفعاليات المحيطة. خاصة في مناطق المزارات السياحية.

  بالأمس، كان حفلٌ مميز للغاية، الرقيقة عازفة الماريمبا نسمة عبدالعزيز، والرائعة دينا الوديدي، الأسطورة التي تثبت كل يوم أن التراث بحر نتعلم منه، وأن لدينا الكثير نركن إليه للصعود إلى المستقبل الذي نرجوه، لا من الشرق ولا من الغرب بل هنا ومن القلب، من قلب تاريخنا.. أغانينا، وموسيقانا، ثقافتنا التي نغفل عنها، أو نتغافل، ويحاول البعض التهوين من شأنها تحت ضغط عقدة الخواجة، والإحساس بالدونية إزاء الشعوب التي احتلت بلادنا يوماً.. ولازلنا منكسرين ثقافياً أمامها، ولو أننا عدنا إلى ذواتنا كما فعلت دينا.. دينا بنت الوديدي.. بنت التراث وصنيعة ثقافة وتعليم، وتجارب طليعية.. لو فعلنا مثلها، لأدركنا كيف أطلقت عفاريتها في قاعة مسرح قصر ثقافة قنا (على تعبير أحد زملائنا) وجعلت روحاً لا يميزها بين جسد وآخر من أجساد الحاضرين في المسرح إلا ملامح الوجه، لكنها روح كامنة في عقول وقلوب المصريين، أطلقتها دينا.. حررتها من القمقم العتيق لتحيي ثورة، فورة قادرة على نشر الحب والتسامح، والتفاؤل، والإبداع.

  نسمة عبد العزيز.. "البسكوتة" حسب تعبير أحد الحاضرين اعترافاً بقدرتها على التواصل مع الجمهور، ولفت نظرهم إلى العازف.. العاشق لآلته.. والذي اعتدنا رؤيته عادة قابعاً في الظل بعيداً عن بريق المغني النجم.. الساحر.. خاطف الأنظار، وصنيع الانبهار.. نسمة أيضاً كان لها شياطينها.. أطلقتهم فجأة فصنعت حالة من البهجة.. هي وفرقتها، وأكدت أكثر من مرة على أهمية العازف كوحدة، وكواحد أيضاً، فقدمت العديدين من أبطال فرقتها، ليمتعوا الجمهور مستقلين ومجتمعين.

  أما والحال كذلك، والقاعة تشغي بعفاريت دينا، وشياطين نسمة، كان الدور الذي يقوم به ملائكة آخرون واضحاً، وصانعاً لصراع ما.. صراع خفي جعل المقاعد الأولى خامدة هامدة خالية من التفاعل، فبحضور المبدعة وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم جميع الفعاليات.. استلزم الأمر أن تخلى الصفوف الأولى.. نصف القاعة تقريباً للتمثيل الرسمي.. المحافظ، وكبار الشخصيات الرسمية في المحافظة، وبعض المحافظات المجاورة، وقيادات وزارة الثقافة وهيئاتها العديدة، ورجال الدولة عامة.. وطبعاً حاول رجال الأمن تحقيق أقصى درجاته وهذا واجبهم لا نلومهم عليه، لكنه في المقابل، بالنسبة للجمهور أصبح تضييقاً، وفصلاً بينهم، والفنانين على المسرح.. خاصة جمهور هذه الفنون الشعبوية -إذا جاز التعبير- والتي تعتمد قبل كل شيء على التفاعل بين المتلقي في القاعة والمؤدي على المسرح.. بدون هذا التفاعل تصبح الخلطة ناقصة.. والكيمياء ليست نصوصاً في كتاب، لكنها تجارب.. اختلاط بين العناصر في قلب بوتقة يصدر عنه الوهج.. دونه لا نحصل على النتائج المرجوة.

  لذلك كنا نود أن تترك معالي الوزيرة، وجملة الحضور الرسمي، فرصة للجمهور الذي صنعت هذه الحفلات أصلاً من أجله، أن يقترب من فنانيه، ويتواصل معهم عبر المقاعد الأمامية.. وإذا كانت الوزيرة أو المحافظ أو أي من ممثلي الجهات الرسمية يرغبون في الحضور، وذلك حقهم؛ فليحضروا بشكل غير رسمي، وينخرطوا وسط الجمهور، وإن تعذر ذلك، لا بأس، يمكن أن تخلى لهم المقاعد الخلفية أو جزء منها، وهو تقليد ليس جديداً، لكن يفعله الكثيرون من الملوك والأمراء والرؤساء، وغيرهم من قائدي المجتمعات، ويصبح ذلك أنسب لهم لمتابعة الحدث، وأصلح لرجال الأمن ليستطيعوا ضبط أحوالهم، وتأمين الشخصيات العامة التي كلفوا بتأمينها.. وفي نفس الوقت مساهمة في نجاح الفعالية.. والوصول بنتائجها إلى أقصى ما قدر لها من نجاح.
أحمد صلاح الدين طه
2 مارس 2020
dedalum.info@gmail.com


 


 

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم