وظائف خالية

رئيس توافقي؟ إني أعترض ... وفينك يا برادعي الثورة والعدالة الاجتماعية وضرورة تشكيل الحزب الديمقراطي
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
ماذا ستفعل السياسة بالإخوان؟

رئيس توافقي؟  إني أعترض ... وفينك يا برادعي


بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

ما المقصود بالرئيس التوافقي؟ الناس يتحدثون عنه بثقة من لا يشكون في أن الأرض كروية. الكلمة أصبحت في حلاوة "الهوول" الذي أصبح بدوره تسالي برلمان "الثورة" بدلا من الفستق والسوداني واللب في برلمان الحزب الوطني "حاسبه الله".

بدأت الأخبار تبشرنا بالرئيس التوافقي بعد مراودة الدكتور نبيل العربي ترشيح نفسه. وبطبيعة الحال لن أتحدث عن الرجل بقدر ما سأتحدث عن قراره بالترشح لهذا الرئيس التوافقي. ذلك الرجل الذي أُزيح من مسيرة الثورة ثم يعاد ليُستدعى للانضمام لمسيرة المتحالفين، المجلس العسكر والإخوان. ذلك، لأنه ومِنَ الآخر كما يقولون، هذا الرئيس التوافقي يستحيل أن يكون كذلك إلا بتوافق طرفين فقط، وأعيد فقط، هما المجلس العسكري الموقر ومعالي جماعة الإخوان المسلمين، تلك الجماعة الدولية عابرة القارات، ومن في فلكها من دعاة الإسلام السياسي.

وإذا كان الأمر كذلك، فهل يصح لمن يؤمن بالثورة الينايرية المستنيرة، بشير ميلاد مصر العزيزة، مصر الحقيقية، مصر التاريخ، مصر الجميلة، مصر معشوقة العالم المستنير، مصر اللائقة بمصر، هل يصح لمن يؤمن بهذا البشير الجميل أن يَخْضع لتوافق الطرفين اللذين يحاولان وأد هذه الريحانة اليانعة، تلك الثورة الطاهرة؟ والسؤال هنا يوجه بصورة خاصة للدكتور نبيل العربي. وإياك سيدي ومقولة "نداء الوطن"، شعار السياسيين وسراب الشعبيين. المجلس العسكري والإخوان المسلمون، ومن غيرهما؟ هما اللذان عطلا ويعطلان ويجهضان مسيرة الانطلاق التنموي الوقاد بعد إزاحة عصر الظلم والظلام والفساد ومص الدماء ونهش اللحوم وتكسير العظام لتلك البلد الصابر. أنظر إلى المستنقع الذي أوقعانا فيه، وانظر إلى هذا المسار المظلم المجهول الذي دفعانا إليه، وانظر إلى هذا اليأس والحزن المقيت اللذين يشوهان محيا المواطن المصري الحي الغيور على مصر ومصريته، وانظر إلى تلك التكلفة الباهظة التي ضاعت على مصر نتيجةً ليس فقط للسماح بتهريب أموالها ومسروقاتها وثرواتها المنهوبة سواءً في الداخل أو الخارج، وإنما بصورة أساسية لتلك التكلفة التي تتمثل في دماء فلذات أكبادنا شهداء مصر المستقبل وعجز مصابيها، بالإضافة إلى تلك التكلفة الضائعة نتيجةً لتعطيل الانطلاق التنموي الوقاد الذي كان من الممكن أن يقفز بالشعب المصري إلى عصر الحداثة والقوة.

ولن أُضيع وقت القارئ فيما فعله المجلس العسكري والإخوان المسلمون لوأد هذه الثورة وتحقيق مصالحهما تحالفاً بينهما أم تلاعباً كما يتلاعب الملاكمان قبل أن يستقبل أحدهما الضربة القاضية من الآخر. فالمواطن الذي لا يعلم ما فعلاه حتى الآن لن يفهم إما لغبائه، أو لأنه لن يقتنع لتعصبه وانقفال عقله. ومن ثم فلن أتحدث عن آثامهما في حق الثورة والشعب المصري الصابر. حقا، المجلس العسكري يتمتع بثلث الاقتصاد المصري والهيمنة عليه، والإخوان يتمتعون باعتلائهم للسلطة المهداة إليهم، كما يتمتعون بدخل سنوي يزيد على المليار جنيه على أدنى التقديرات علاوة على الثروة التي يمتلكها أعضاؤها وخاصة من رجال الأعمال التي تقدر لكبيرهم، خيرت الشاطر بمفرده، بمقدار 250 مليون جنيه، علاوة على الأموال الهائلة التي يملكونها في بنوك سويسرا وبعض الدول العربية.

الخلاصة: الرئيس التوافقي، لن يكون توافقيا إلا للمجلس العسكري والجماعة الإخوانية. لو كان الدكتور العربي توافقيا لأمكنه تحقيق التوافق مع الأسد العلوي والجامعة العربية. الرئيس التوافقي فكرة متناقضة مع ذاتها لأن الأحزاب لا تتوافق بطبيعة أن كلا منها من المفروض أن يتقدم بمرشح منافس عن حزبه. الرئيس التوافقي لن يتوافق عليه الشعب لأن الشعب مختلف الطوائف والمستويات والانتماءات السياسية وأقصى توافق منه هو بلوغ نسبة الـ 51 في المائة على الأقل واللازمة للنجاح. الرئيس التوافقي لا يمكن أن يتوافق عليه النقابات والجمعيات الخاصة والمجتمع المدني، فكيف تتوافق نقابة العمال مع الغرفة التجارية على سبيل المثال. الرئيس التوافقي لن يكون توافقيا من الناحية النظرية المنطقية بحيث يجعل من الدكتور نبيل العربي أكثر توافقا من الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أو من الأستاذ حمدين صباحي على سبيل المثال. الرئيس المنتظر، ولا أقول التوافقي، هو الرئيس التقي الذي يؤمن ويعرف ويقدر على تحقيق مطالب الثورة ويقدم الدليل على ذلك بوعده القاطع بأن سيستعين بالدكتور محمد مصطفى البرادعي كرئيس للوزراء لنرى مهاتير آخر أو أردوغان جديد في مصر الزاهرة. وفي النهاية هل تَعَلم الشعب المصري الدرس؟ وهل سيفاجئنا بوعيه في الانتخابات الرئاسية؟ وهل سيفاجئنا المجلس العسكري والجماعة المقدسة بحيادهما ومواقفهما النزيهة إزاء هذه الانتخابات؟ ما أحلى المفاجأة لو أثلجت صدورنا المرهقة. وأرجوك أيها الشعب المصري "فتح عينك وانصر أولادك".

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم