وظائف خالية

" ولي العهد" الرئيس المنتظر وجزر القمر البرادعي وجائزة نوبل الثانية
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
مصر بين حَوَل السلفيين وسراب الإخوان وجهاد الثوار

"  ولي العهد" الرئيس المنتظر وجزر القمر


بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية


لم يظهر بعد .... لم يظهر بعد .... حتى الأستاذ الدكتور محمد أبو الغار، بجلاله وقدره، يقول أيضا أن الرئيس الجديد "لم يظهر بعد". يبدو أن الكلام فيه الكثير من الصحة طالما يقول الدكتور أبو الغار ذلك. ولكن من هذا "بسلامته" الذي لم يظهر بعد؟

يقال أنه لابد أن يسميه المجلس العسكري، وتوافق عليه جماعة الإخوان "المسلمين". المجلس الذي وضع الجماعة في موضع أحلامها يستقبل أصوات الشعب الذي تمتلكه الجماعة الموقرة لتحشد تلك الأصوات لمرشح المجلس العسكري للرئاسة. يفوز المجلس العسكري الأعلى بالخروج الآمن مع هذا الرئيس المنتظر، ويحتفظ بالمميزات الهائلة للمؤسسة العسكرية التي تلقي بثمارها على كبار جنرالات القوات المسلحة بما فيهم من بلغوا التقاعد، وتستمر جماعة الإخوان في سيطرتها على السلطة التشريعية وتتمتع أيضا بتشكيل الحكومة بما فيها رئيس الوزراء، ونكون حينئذ قد قَبَرْنا الثورة لمدة رئاسية كاملة يعلم الله ما يحدث بعدها. تلك إذن، ويا ويلها من "قسمة ضيزى".

لست أدري ما هذه الحياة الدنيا التي تجعل الناس يتيهون في هذه التحالفات الانتهازية وهم يدهسون القيم العليا ومصالح الوطن وشعبه الفقير المعذب؟ ويزيد من اندهاش الفرد أيضا أن تلك التحالفات تصدر عن جهة تدعي شرف العسكرية والأخرى تدعي شرف الانتماء الإسلامي.

لقد أفرزت الأحداث الأخيرة بداية من فتح نيران الدكتور البرادعي على الفساد والاستبداد والتوريث بمطالبه السبعة الشهيرة إلى إعلان الفريق حسام خير الله وكيل أول المخابرات العامة عن نية ترشحه لرئاسة الجمهورية، أفرزت تلك الأحداث المرشحين المحتملين الحاليين للرئاسة، وهو ما يقرب من عشرة مرشحين. لم يلق أي من هؤلاء جميعا رضاء المجلس العسكري والجماعة الإخوانية مما جعل بعض المتحدثين باسم الأخيرة يدعون أن لديهم مرشحا توافقيا مما ترك المحللين والمراقبين يضربون أخماسا في أسداس مخمنين من هو هذا "ولي العهد" المنتظر. "ولي عهد" لأنه أصبح من اختيار الفرقة المهيمنة على السلطة، وليس من اختيار الشعب البائس حتى عندما فتحت له أبواب السماء واعتقد أنه نال أخيرا نعيم الديمقراطية.

المؤكد أن المرشح المنتظر هذا سيكون صنيع المجلس العسكري من ناحية، والجماعة الإخوانية من ناحية أخرى، وكلاهما لم يكونا أبدا مغرمين بالثورة رغما عن أن وجودهما على سدة الحكم كان من صنيع الثورة، والثورة وحدها. فهل يكون المجلس والجماعة كالقطط "تأكل وتنكر"؟ إن المجلس العسكري والجماعة الإخوانية هما ألزم من يدينون بالفضل للثورة، ومن ثم فهما أجدر الهيئات بتحقيق مطالبها.

والمؤكد أن هذا المرشح المنتظر سيضع نفسه في موضع "العميل" أو بتعبير آخر أقل بلاغة "الماريونيت"، أي الأداة المنفذة لرغبات وطموحات من حملوه ونصبوه على كرسي العرش. وأنا منذ هذه اللحظة أربأ بأي إنسان يحترم كرامته أن يرضى بمثل هذا الدور، وذلك بالرغم من إمكان نجاحه بالفعل من خلال الألاعيب السياسية التي أثبتت كفاءتها كما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي سأظل أقول عن اقتناع مطلق بأنها أكبر الانتخابات تزييفا في تاريخ مصر، بالرغم من صدق الصناديق.

المهم، أن هناك أسماء بدأت الإشاعات تتناقلها على كراسي المقاهي وفي مجالس الأنس والسمر، ما بين الدكتور أحمد زويل والأستاذ منصور حسن والدكتور نبيل العربي وأستاذ غير مسمى في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وربما آخرون لم أسمع عنهم. وقد تأكد مؤخرا أن شروط الترشح لم تُغَير مما يؤدي إلى استبعاد الدكتور زويل، ومن ثم يتبقى الثلاثة الباقون الأكثر احتمالا لـ "ولي العهد" المنتظر. ربما يكون الأستاذ منصور حسن هو الأقرب للتصديق لأنه بدا مؤخرا ملكيا أكثر من الملك، أو قل بتعبير آخر "عسكريا أكثر من العسكر"، بالإضافة إلى أنه قد صرح حسب ما نشرته جريدة المصري اليوم أنه على استعداد للترشح لو طلب منه ذلك، وأنه هو لا يسعى إلى المناصب من تلقاء نفسه. إن هذا التصريح الأخير هو الذي يتناسب مع نية المجلس العسكري والجماعة الإخوانية اختيار رئيس توافقي، بمعنى أنهما هما اللذان سوف يطلبان من "ولي العهد" الترشح، على عكس الاتجاه الطبيعي للعشرة المرشحين المحتملين الطبيعيين من حيث أنهم هم أنفسهم الذين يبادرون بإعلان رغبتهم لخدمة مصر في منصب رئيس الجمهورية.

إن المرشح بطريقة التكليف على طريقة "ولي العهد" لا يحمل دوافع شخصية ولا أيديولوجية تنموية تتجسد في برنامج لبناء الدولة يتقدم به لشعبه للانتقال إلى مصر الحديثة. ومن ثم فهو مرشح يحقق مطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة والجماعة الإخوانية على السواء. والمؤكد حينئذ أنه لن يكون مرشح الثورة، وهذا هو بيت القصيد.

هل يستطيع شعب مصر أن يميز حينئذ بين مرشحٍ للثورة وآخر لأصحاب السطوة والنفوذ، المجلس والجماعة؟ في وجود الماكينة الإعلامية لدي سطوة المجلس العسكري، وفي  وجود إعلاميين أمثال بكري ومن على شاكلته، وفي وجود فلول ورجعيين ينعمون في ظل الرأسمالية المتوحشة يمكن أن يُضلل الشعب المصري مرة أخرى لينجح ولي العهد، ويسقط مرشح الثورة. ومن ثم فإني أخاطب كل ذي عقل وضمير، وأضع أمامه التساؤلات التالية:

1.   هل تفضل أن تسلم قلبك، لا قدر الله، إلى جراح قلب مبتدئ أم إلى مجدي يعقوب وأمثاله الذين يفهمون ما يعملون بحيث عندما تشفى لا تعود لمزيد من الجراحة؟ كذلك الأمر بالنسبة لرئيس الجمهورية. رئيس الجمهورية هذا هو رجل من طراز البرادعي وأبو الفتوح وحمدين صباحي، وليس من يدين بالولاء إلى فصائل معينة.

2.   هل تختار رئيس جمهورية انتهازي يريد أن يزهو بالوظيفة ويستمتع بالشهرة والسلطة أم تريد رئيس جمهورية متواضع وشبعان احترام وظيفي وشهرة وسلطة، ولا يحتاج إلى المزيد منها، ويعمل باجتهاد مع فريق كفء محسن الاختيار؟

3.   إلى من تُوكل الثورة ومطالب الشعب؟ إلى من لم يشارك فيها ولم يشارك في إنتاجها، أم إلى من يُعتبر الأب الروحي لتلك الثورة، أو لهؤلاء الذين جاهدوا في مواجهة القمع والدكتاتورية وتحقيق الكرامة والحرية لهذا الشعب؟

4.    أتُوكل رعاية الثورة إلى إنسان مخلص تفيض دموعه عشقا لمصر وشعبها وإخلاصا لشبابها وموقعها العالمي، أم إلى إنسان ألعبان انتهازي أناني يسعى لتحقيق مصالح خاصة بعيدة عن أحلام الشعب وفقرائه؟

5.   أتوكل رعاية الثورة إلى إنسان واسع المعرفة بأمور الإدارة والتنمية والنهضة وخبرات الدول التي سبقتنا، وقام بتقييم التنمية في تلك الدول، وله من الصلات الوثيقة بقيادات العالم الاقتصادية والسياسية بما يمكنه من اكتساب دعم دول العالم ومنظماتها سياسيا واقتصاديا وعسكريا أم إلى إنسان يحقق مطالب المجلس والجماعة؟

6.   أتوكل إدارة الدولة لإنسان أناني يسعى لإرضاء الحاكم والمجلس الأعلى للقوات المسلحة حاليا بالنفاق تارة والتحالف السري تارة أخرى لمجرد السعي لإرضاء غروره والتمتع بالسلطة المفسدة كما قال الدكتور مصطفى الفقي في أبدع ما كتب حول رئيس الوزراء الحالي دون ذكر لإسمه؟

الخلاصة: اختيار رئيس الجمهورية هو المحطة الثالثة للثورة المستنيرة، دعنا بالإرادة الواعية نجعلها هي الإنقاذ الحقيقي لما أفسدته المرحلة الانتقالية بإدارتها العسكرية، وما حافظت عليه من نظام مبارك، خميرة الفساد والإفساد، لا قدر الله، للجمهورية الرابعة، مصر الجديدة بإذن الله سبحانه وتعالي، دعنا نختار البرادعي ومعه أبو الفتوح وصباحي كرجال يعبرون بهذا الوطن الحبيب إلى ما يستحقه من حضارة وحداثة وكرامة بالحكمة والموعظة الحسنة والتسامح والعدل، وليذهب ولي العهد إلى جزر القمر.

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم