|
يوم السيلفي .. كل عيد و أنتم طيبون
اليوم يوم الملحمة بالمعنى الخليجي وليس بالمعنى التراثي، يعني يوم الجزارين/القصابين؛ سيجوبون الشوارع حاملين سواطيرهم وسكاكينهم يطوحون أيديهم بطريقة بوحة الصباحي الجزار السينمائي وينادون بأصوات لا تعرف إن كانت خارجة من صدورهم أو أعمق، ليست رخيمة ولا مبحوحة لكنها مميزة: "جزاااار". حتى الهواة منهم يفعلون ذلك ويحاولون أن يبدون بمظهر لا يقل احترافية عن محاربي الخراف وملاحقي الجمال والعجول المحترفين.
بما أن اليوم عيد، و الكل فقراء وأغنياء سيغوصون في حلل الشوربة ويتمزجون بشفط البهاريز نتوقع أن تزدحم مواقع التواصل بصور السيلفي الغريبة فمع من سيكون سيلفيك اليوم؟ ربما مثلا مع المسكين الخروف قبل أن يخر صريعاً أمام داركم وتوضبه الأيدي والأسلحة البيضاء ويتشفى فيه أولاد الحتة الأشقياء أو تتعاطف معه بنات الحتة المرهفات، وربما تختار صديقاً أو صديقة، عزيزاً أو عزيزة -ليس طبعاً بديلاً للخروف- أعزكم الله.. يصدِّر كلٌ منكم شلاضيمه ويمد شفاتيرَه تجاه العدسة المسكينة القريبة جداً من وجوهكم المنبعجة بشكل مضحك أو تحاول التجويد فتشتري أو تستعير ذراع السيلفي التي صارت شهيرة والتي تجعل الصورة ألطف نوعاً ما.
لا يهمك شيءٌ ولا تكترث بشيء، افرح؛ فاليوم عيد والعريس "هيتجوز" والعازب لاداعي أن "يبوز" إلا إذا كان "بوزه" لإلتقاط سيلفي. حتى حجاج بيت الله الحرام راحوا ينشرون سلفياتهم مع البيت العتيق أو وسط صحبتهم من الحجاج، ومن لم يُجد استخدام مواقع التواصل اكتشف أن كاميرات الحرم التي تبث صورها طوال اليوم إلى كل أنحاء العالم كفيلة بحمل وجهه -ربما كرسالة ما- إلى آخرين يعرفهم أم لا، ليس مهماً؛ لكن معرفته بوجود الكاميرا، هذا النفق الذي يعبر به الزمان والمكان تجعله سعيداً يقف برهة في مواجهة العدسة يلوِّح بيده من بعيد وابتسامة إعلانات الأسنان تملأ وجهه.
هذا العام أصبح الأمر مبالغاً فيه مما دفع بعض علماء الدين إلى إصدار فتاوى تحرم الانشغال بالسيلفي عن أداء المناسك.. ربما كان معهم الحق لكن -في حدود المعقول- يمكن أن يكون كل شيء مباحاً حتى سيلفي في حضرة المؤمنين وفي رحاب بيت الله.
كل عام و أنتم طيبون.
أحمد صلاح الدين طه
السبت ٤ أكتوبر ٢٠١٤
الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
|
|
أضف خبرًا فنيًا أكتب مقالا على ديدالوم
|