وظائف خالية

جزيرة ليلى.. حيث يقرأ الفن التاريخ ويفسر معنى الوطن هل المصور التليفزيوني فنان؟ وهل المصور التليفزيوني إعلامي؟
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
صيد العصاري.. وحدوتة ريس البحر الذي علمنا الكار

فيلم جزيرة ليلى مصطفى الشعبي





  قد لا يكون الوطن بالنسبة للمحتل إلا مساحة من الأرض.. صخرة صلدة لا تستحق أكثر من أن يطلق عليها وصف بأنها (الجزيرة) أو (لا إيسلا)، لكن صاحب الأرض يأبى أن يعترف بذلك الاسم الجاف الذي لا يعني اعترافا بأرواح كامنة سكنت هذه الأرض فاحتوتها بعد أن عاشت فوقها ونشرت الحياة والأنس والبهجة.. يحول صاحب الأرض الاسم الإسباني العقيم (لا إيسلا) أو (لا إيلا) إلى ليلى، فتصبح جزيرة ليلى وقد حملت أروع أسماء الفتيات في قصص العرب وتاريخهم الرومانسي العذري الشفيف.


  هذه هي قصة الاسم كما ترويها المراجع، لكن فيلم جزيرة ليلى يعيد قراءة التاريخ ويستلهمه، حيث يبدأ بواقعة معروفة حدثت عام 2002 عندما رفعت علمَ المغرب فرقةٌ من الشرطة المغربية كانت تعسكر فوق جزيرة ليلى التي تبعد مائتي متر عن ساحل المغرب، فقامت قيامة الأسبان الذين يبعد شاطئهم عن الجزيرة عدة كيلومترات، وهاجموا الجزيرة بقوات ضخمة مسلحة من الجو والبحر وكأنهم يستعيدون ذكرى الحروب العالمية كل ذلك ليواجهوا قلة قليلة من أفراد الشرطة، ربما، لا يحملون أسلحة، ويجبرونهم على مغادرة الجزيرة، ولا تهدأ ثائرة أسبانيا إلا بعد أن تتعهد المغرب بترك الجزيرة دون بشر.. هكذا يفضلونها أن تبقى أمام أعينهم دون حياة.


عندما هاجمت القوات الإسبانية بطائراتها وسفنها المدججة بالأسلحة الجزيرة، كانت تسكنها امرأة عجوز، الحاجة رحمة، راعية كانت معزاتها ترعى عشب الجزيرة في أمان الله، لكن مع هجوم المروحيات العسكرية بأصواتها المخيفة ارتعبت المعزات الضعيفات واندفعن تلقين بأنفسهن في الماء.. منظر محزن لأي إنسان عادي، لكنه فاجعة بالنسبة للحاجة رحمة التي لم يتحمل قلبها حالة الانتحار الجماعي هذه فتوقف وسقطت لتنتهي حياتها في حادثة موت قد لا تبدو شيئًا ملفتًا بين تراب الجزيرة وعشبها من زاوية نظر الطيارين المهاجمين من داخل مروحياتهم، لكنها تمثل الكثير لأبناء الأرض الذين يسمعون نبضها داخل قلوبهم إذ يخطون فوق هذا التراب.. التراب الوطني.


  هنا، من هذه الحادثة تبدأ القصة.. الفيلم الذي يعيد قراءة الواقعة، فيعيد العجوز (زوج الراعية كما تفترض القصة) الذي كان غائبا عن المشهد لكنه يعود ليعيش ذكرياته وذكريات الحياة فوق الجزيرة، يعود بمعزات أخريات، ليؤسس حياة جديدة، يصعد فوق صخور الجزيرة وعلى ظهره أحماله ورفقته معزاته؛ فكأنه بمظهره هذا حاج من القرون الوسطى في طريقه إلى الأراضي المقدسة، وعندما يصل نجد كوخه العتيق مكعبًا كما كانت الكعبة أمام المسلمين عبر العصور في إشارة مهمة لقدسية هذا المكان، عبر الأزمنة بالنسبة لصاحب الأرض.


  يشرع العجوز في بعث الحياة، يفتش عن آثار من عبروا هنا يوما، يسعده اللعب بنظارات شمسية مكسورة وجدها على الشاطئ، رآها مفيدة ووضعها في جرابه، لكن النقود التي يجدها في حافظة صغيرة لا تسعده تماما، يلقيها في الماء بعد أن وجدها على الشاطئ، ربما هي هنا لا قيمة لها، ربما كانت سببا في ذكرياته الأليمة.. دائما كان الطمع في النقود والنفوذ سببا لصراعات الحدود، ولولا صراع الحدود ماكانت طائرات الشمال لتباغت امرأته الوحيدة مع معزاتها فتسقطها شهيدة وتوقع الحزن في قلبه إلى الأبد، لكن الأمل في صدر الرجل لا ينتهي.. هو يدرك أن من صار إلى التراب سيبعث، والحياة طاقة تتحول ولا تنقضي.. حاول صنع تمثال لامرأته.. نجح نجاحا محدودا لكنه كفيل لتشق السعادة سبيلا إلى ملامحه..


  أمل جديد يرسله البحر إلى العجوز الوحيد، فتاة شابة حسناء يقذفها الموج إلى شاطئ الجزيرة من شاطئ آخر لا نعرفه لكننا ندرك أنه لم يكن عطوفا بالقدر الكافي، عانت الشابة حتى وصلت إلى الجزيرة، وعندما وصلت كانت معتلة، لم تستطع أن تعيش الأمان الذي استمتع به العجوز بين آماله وأحلامه، ماضيه والطبيعة التي تبقى حية رغم كل الآلام..


  يأبى القدر إلا أن ترحل الفتاة.. امرأة أخرى تغادر، فتفجع الرجل، المرأة التي كانت دائما رمزا للحياة تتركه وحيدا؛ لكنه أيضا يأبى إلا أن يدافع عن حلمه، يطرد عنه الذئاب ولو كان جثة هامدة.. يواري جثة الفتاة التراب، لكنه يضع على قبرها قلادتها التي تحمل اسمها.. ليلى.. فكأن الفيلم يفسر (فنيا) اسم الجزيرة التي صارت ليلى رغما عن المحتل الذي مهما حاول لن يدرك أن الوطن هو حيث يودع المحب ترابا كان يوما جسدا مفعما بالحياة لحبيبة، وحيث يؤمن أن ترابه سيبعث يوما ما ليتجسد عشقا وسكنا وحبيبة.

 
أحمد صلاح الدين طه
26 مايو 2021
dedalum.info@gmail.com

 


 


شاهد فيلم جزيرة ليلى للمخرج مصطفى الشعبي: رابط أول.. اضغط هنا.



 

شاهد فيلم جزيرة ليلى للمخرج مصطفى الشعبي: رابط ثاني اضغط هنا.
























































 

للمزيد تابعنا على: يوتيوب .. تويتر .. إنستجرام .. صفحة فيس بوك .. واتساب .. مدونة ديدالوم .. مجموعة ديدالوم للتواصل .. موقع ديدالوم الرسمي








 

لا تنس الاشتراك في قناتنا على يوتيوب لمتابعة المزيد

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم