وظائف خالية

الفريق حتاتة والمجلس الاستشاري إنقاذ مصر بتحالف العظماء
Total online: 2
Guests: 2
Users: 0
المحطة الثالثة، محطة إنقاذ الثورة؟

الفريق حتاتة والمجلس الاستشاري


 

بقلم أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

  12 ديسمبر 2011

  تحية عسكرية وألف تحية مدنية للسيد الفريق مجدي حتاتة، ذلك الرجل، "والرجال قليل"، الذي قرر تراجعه عن الترشح لرئاسة الجمهورية نظرا للصعوبة البالغة التي سيواجهها، وربما دون طائل، وهو يعرض نفسه للشعب ويعرض برنامجه الانتخابي بالإضافة إلى أنه سيصعب عليه أيضا إزالة الشكوك لدي الرأي العام في مقدرة الشخصيات العسكرية على إدارة الأزمات والتفاعل السياسي مع رغبات المواطنين مما أدى إلى استنفار شعبي مضاد للشخصيات العسكرية نظرا للتقصير في إدارة المرحلة الانتقالية من جانب المجلس العسكري. هذا بالإضافة إلى أنه أشار إلى وجود أسباب أخرى لا يستطيع أن يفصح عن ها الآن. وقد أكد الفريق حتاتة إيمانه الشديد بالثورة وضرورة تحقيق مطالبها كاملة. وقد أكد سيادته أيضا فخره بالانتماء للقوات المسلحة وغيرته عليها والافتخار بها وبقدراتها، مثله مثلنا ومثل أي مواطن مصري وطني، موضحا ذلك بتميز طريق العين السخنة مقارنة بالطريق الصحراوي وكذلك بتميز الـ 20 ألف فدان في منطقة شرق العوينات مقارنة بالأراضي المحيطة. كان يمكن للفريق حتاتة أن يلتزم الصمت، وربما كان يمكنه أن يجاري المجلس العسكري ويستمر في الدفاع عن سياساته الحالية مقابل مكاسب كان من الممكن أن يحصل عليها، ولكنه لم يسعه إلا أن يستسلم لضميره الحي ويعلن موقفه الحق ليسجل التاريخ له مزيدا من البطولة والوطنية. أذكر ذلك لأقارنه بأعضاء المجلس الاستشاري، وقرارهم الموافقة على المشاركة في هذا المجلس، ولا أقصد بطبيعة الحال أنهم لم يعيروا ضمائرهم أي اهتمام، وذلك لأنهم بالتأكيد يشعرون برضا الضمير، ولكن لهم تبريراتهم المنطقية الوطنية لقبول الانضمام إلى هذا المجلس الاستشاري. هذه التبريرات هي التي سأحاول أن أتصورها من جانبهم وأفندها منطقيا أيضا. هناك أولا مفترض أساسي، يصعب أن نختلف عليه، هو الفشل الذريع للمجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية مما ترتب عليه من شروع في إجهاض ثورة 25 يناير التي وعد أنه سيتبناها ويحقق مطالبها كاملة ويعظم شباب الثورة وشهداءها الذين أدى لهم التحية العسكرية الشهيرة. هذا الفشل يتمثل في الإصرار من جانب المجلس العسكري على أن يتم المرحلة الانتقالية بالطريقة التي حددها هو تحديدا دكتاتوريا أو اعتمادا على استشارات خفية غير موفقة، كما تمثل في عدم تحقيق أي من مطالب الثورة على الإطلاق حتى محاكمة القتلة والرموز بما فيهم الرئيس مبارك لم تتمخض عن أي نتيجة تذكر. كم ا تمثل هذا الفشل في الإصرار على الاحتفاظ بأعمدة الفساد في الأجهزة الحكومية وخاصة وزارة الداخلية بالإضافة إلى الحفاظ على التشريعات والقوانين السابقة الحامية والمنشطة لنظام الاقتصاد الرأسمالي المتوحش الذي نهب ثروات الدولة وقضى على مقوماتها الإنتاجية وخلق اقتصادا رخوا استهلاكيا استيراديا تابعا لا يتحمل أية صدمات محلية أو عالمية. أظن أن أعضاء المجلس الاستشاري لا يرفضون كثيرا هذا الفرض السابق. ويكفينا موافقتهم له ولو بنسبة 70% فقط. والسؤال الآن لسيادتهم: كيف تقبلون "التعاون، والاستشارة دون المشاركة المؤسسية القانونية في اتخاذ القرار" مع قيادة فاشلة بالشكل الذي اتضح أعلاه. هل كان يغيب عن المجلس العسكري مطالب الثورة ومطالب الشعب؟ ألم تكن له حكومة، شرفية كانت أم جنزورية، أن تنفذ قرار الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور بداية بوزارة الدفاع كما اقترح المهندس حسب الله الكفراوي؟ ألم نطالبه ويطالبه الشعب بالقصاص العادل السريع والمنجز من مجرمي النظام السابق بنفس سرعة ومحاكمة ال شباب الطاهر في المحاكمات العسكرية وإصدار الأحكام السريعة؟ ألم يطالبه الشعب بتطهير أجهزة الدولة من القيادات الفاسدة التي عينها أمن الدولة وعصابة مبارك السابقة، وتباطأ في ذلك ولا زال يتباطأ إلى درجة لا يصدقها عقل؟ ألم يطالبه الشعب دون مستشارين بوقف البلطجة التي تديرها وزارة الداخلية (165 ألف بلطجي مسجل) لنشر الفوضى التي وعد بها مبارك وقتل المتظاهرين وفقأ أعينهم بعد أن اقتنع المجلس الأعلى بأن هذا هو الأسلوب الأمثل لمواجهة المتظاهرين والاحتجاجات السلمية كما كانت فلسفة نظام مبارك؟ لقد قرر المجلس العسكري تشكيل هذا المجلس الاستشاري، وقد استجاب أعضاؤه لأسباب مختلفة، فمنهم من وافق امتنانا لشرف اختياره واستجابة للضغط من أجل قبول العضوية، ومنهم من وافق لتسلية نفسه والظهور في الإعلام والشهرة وينطبق هذا بصفة خاصة على كبار السن من أعضائه، ومنهم من قبل ذلك قائلا ما دام أساتذتي قد وافقوا فلابد أن أوافق أيضا، خاصة وأنه حديث عهد بالإعلام والشهرة مما يرضي غروره وهو صغير السن، ومنهم من هو يداهن المجلس العسكري لكن تنتهي فترته ويعود لثكناته وذلك تحقيقا لأهدافه الخاصة وخاصة من جانب المؤيدين لتيار الإسلام السياسي، ومنهم من هو مقتنع فعلا بأنه سيقدم استشارات مضيئة للمجلس العسكري آملا أن المجلس العسكري سيأخذ بهذه الاستشارات ولكنه متأكد في نفس الوقت بأن المجلس لن يحقق ما هو جذري وأساسي بالنسبة لتحقيق مطالب الثورة نظرا لإصراره على ذلك حتى اللحظة الحالية. وبعد أن فسرنا دوافع موافقة أعضاء هذا المجلس على المشاركة، وهي بطبيعة الحال دوافع شخصية، ولن تؤدى إلى نتيجة تحقق مطالب الثورة، إذن فما سر تشكيل هذا المجلس من جانب المجلس العسكري نفسه؟ السر ربما يتمثل فيما يلي: 1. إظهار المجلس العسكري أنه لا ينفرد بالقرار موهما الشعب وممثليه السياسيين بإشراكه في القرار. 2. استخدام المجلس كأداة ضغط على القوى السياسية المستقوية وخاصة الإخوان المسلمين والأحزاب الدينية التي استحوذت على تأييد شعبي مزيف في غالبيته من أكثر من 60% من الناس، وذلك من أجل تناول قضايا شائكة مثل تشكيل جمعية بناء الدستور وبناء الدستور نفسه. 3. خلق حالة من فوضى الثقافة السياسية الحالية، وإلهاء النخبة في مجادلات عقيمة بينما يوطد المجلس سياسته وآلياته لإجهاض الثورة وإعادة ترسيخ النظام السابق تحقيقا لضغوط ومصالح سبق أن تناولناها في مواقع أخرى. 4. استخدام المجلس وخاصة كبار السن الذين تحترمهم الثقافة المصرية الريفية التقليدية لمحاولة استقطاب الرأي العام تجاه سياسة المجلس العسكري وتهدئة الثوار وفض التظاهرات والاحتجاجات وإزهاق روح الثورة. الخلاصة: إذا وضعنا في اعتبارنا تحقيق مطالب الثورة والتي لا يجب ألا تغيب لحظة عن وعينا وأن تكون دائما هي الغاية الواضحة والهدف الأسمى من أي تحرك سياسي أو اجتماعي، فإن تشكيل المجلس الاستشاري لا يصب في تلك الغاية، بل يدعم محاولات إجهاض الثورة، ومن ثم فالمشاركة فيه هي تعضيد للرجعية ومعيقة لتحقيق مطالب الثورة، والبديل هو المواجهة والمعارضة لإملاءات المجلس العسكري الحاكم وليس إمداده بالمشورة قَبِلَها أم لم يقبلها معززا بذلك لدكتاتورية السياسات التي اتبعها حتى الآن. وأدنى آيات المعارضة توضيح ونشر المواقف المعارضة، ودعم الشباب والحركات الثوري ة الموجودة الآن، وإرجاع الروح السلمية والتظاهرات الراقية لميادين الحرية في جميع محافظات الجمهورية. والآن وقبل أن نقول ألف تحية مرة أخرى للفريق مجدي حتاتة، نقول للمجلس العسكري: "واأسفاه ، هذا حصاد زرعك" أيها السيد واحصد نتيجة التخبط السياسي، ألم نقل الدستور أولا، قبل أن تستأسد السلطة التشريعية ممثلة في سيادة الإخوان المسلمين الذين رَفَعتَهم بيدك إلى العرش لتضع دستورا كان يجب أن يحقق التوازن مع السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، بدلا من أن تسرقه السلطة التشريعية، بما فيه وضع ومكانة المؤسسة العسكرية؟

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم