مصورو التليفزيون المصري
و تصاعد الغضب
في المراجل البخارية
، يظل الماء يغلي و ضغط بخاره يتصاعد ، و
في ذات الوقت يستمر ركاب القاطرات في
درجاتهم الأولى و الثانية و حتى العالقين
في عربات البضائع بين استمتاعهم بالرحلة
أو تشوقهم للوصول إلى غاياتهم دون أن
يأخذوا في الاعتبار أن ضغط البخار يمكن
أن يؤدي يوماً إلى انفجار المراجل و انقلاب
القاطرة بركابها .
هذا تقريباً هو الوصف
المناسب لحال المصورين في التليفزيون
المصري ، ما وصلت و ما يمكن أن تصل بهم
إليه .
المصور العامل للتليفزيون
المصري يعرف و يدرك تماماً أنه الأكثر
تخصصاً و الوحيد الذي لا يوجد بين صفوفه
دخلاء وصلوا إلى عملهم بالواسطة أو التسلق
أو غير ذلك من الأساليب غير الشريفة ،
المعروفة في التليفزيون و غيره من الجهات
الحكومية و تؤدي بأصحابها إلى الحصول على
الوظائف أو إرتقاء المناصب العالية .
بين هؤلاء يأتي المصور بعد إنهاء
دراسته الجامعية في كلية الفنون التطبيقية
أو المعهد العالي للسينما ، يؤدي خدمته
العامة أو يُعفى منها و يلتحق بالعمل ،
ثم يفني سنوات عمره ، يغلي لتظل القاطرة
تسير و الآخرون يصلون بغيتهم ، يرحلون و
يأتي غيرُهم و هو على حاله .
الآن ، بلغ التوتر مبلغه
، فلم يعد بمقدور هؤلاء المثابرين الاستمرار
في عملهم بينما يرون تجاهلاً تاماً من
المسئولين عن وزارة الإعلام ، يتصارع
الآخرون من أجل اللوائح و زيادة الأجور
و هذا حقهم ، و لا يزال المصور يعمل دون
أن يعرف موضعه مما يحدث ، يخرج نظامٌ
للمهندسين و الفنيين فلا يضم المصور لأنه
ليس منهم ، ثم تقترح لائحة للبرامجيين و
الإداريين فلا يشار فيها من قريب أو بعيد
للمصور الذي لم يعد يدرك لأي فصيل ينتمي
.
يتساءل المصورون الذين
درسوا الإنتاج التليفزيوني بكل دقائقه
من الفكرة إلى الشاشة طوال سنوات الدراسة
الخمس بكليتهم ، لماذا لا يلتفت إلينا
مسئولو التليفزيون و هل حقاً لا يستطيعون
إدراك أننا الوحداء بهذا المبنى القادرين
على القيام بكل الأدوار الموكولة لنا و
لغيرنا كما نفعل ذلك عندما نترك التليفزيون
المصري للعمل في قنوات أجنبية ؟
و إذا كان الأمر كذلك
، و كان لدى المسئولين ضغينةٌ تجاه وظيفة
المصور في حد ذاتها ، لماذا لا يحولونا
مثلاً للعمل في وظائف الإخراج ؛ نحن
متخصصون فيها و أولى بها من مئات العاملين
خريجي كليات لا علاقة لها بالعمل التليفزيوني
من الأساس . إذاً ،
فلينقلونا و يتركوا وظيفة المصور (
و العياذ بالله )
التي يكرهونها خالية ؛ فإن لم يفعلوا
، و لن يفعلوا ؛ يبقى عليهم أن يعيدوا
النظر في وضع المصور .
المصور الذي يتركونه لسنوات دون زيادة
أجره . المصور
الذي يفرضون عليه إنجاز ساعات و ساعات
إنتاجية يحاسب الجميع على وحداتها و يحاسب
هو بالأوردر . المصور
الذي يرجو فقط أن يضعوا له حداً أدنى للأجر
بينما يتجادل الآخرون حول الحد الأقصى
الذى لا يفكر معظم المصورين أنهم سيصلونه
يوماً .
في النهاية ، المصور
الذي لازالت طاقته تجر القاطرة دون كلل
، و الذي لا يريد أن يصل حد الإنفجار لأنه
حينها لن تصبح الخيارات أمام الركاب
مفتوحة .