وظائف خالية

الشعب يفضل الرؤوس معلقة على المشانق بإغلاق قناة تن.. أحدهم بات سعيداً
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
ضيوف تفتح النفس

الشعب يفضل الرؤوس معلقة على المشانق


 
  لو كان على الأحكام، الناس تفضل الإعدام لكل البشر ما عداهم.
  أيام الثورة كان الناس يهتفون في الشوارع: "الشعب يريد إعدام الرئيس".. إعداااام الرئيس، يقولونها بكل حرقة، وتفاني وإخلاص. لم يبادر أحد بالحديث عن المحاكمة العادلة، أو المحاكمة المفتعلة، أو حتى حكم قراقوش.. الناس "جابت من الآخر".. إعدام ثم نتفاهم. حسني مبارك؛ إعدام. مرسي والإخوان "نفر نفر" إعدام، كل من تطاله أيديهم أياً ما كانت تهمته، جريمته أو جريرته، فليذهب إلى المقصلة، "وبعدين نشوف هنعمل في رأسه المقطوع أيه".. يعني لو أنيط الأمر بالجماهير لاستطعنا التخلص من كل الزيادة السكانية، بل وتحديد النسل مستقبلا، هذا إن نجانا الله من أنيابهم ومخالبهم.

  للعلم هذه عادتهم التي لم يشتروها كما يقول المثل.
  هل يذكر أحد مشهد إعدام الحلاج في المسرحية الشهيرة لصلاح عبد الصبور، عندما علق القاضي حكمه برقاب الناس فتقبلوا بسلاسة أن يحملوا الوزر طالما أن أحداً سيقتل!!

  نفس الجماهير التي حملت يوماً دم المسيح عليه السلام في إحدى الروايات الشهيرة لمحاكمته، ولم تجد غضاضة في المسؤولية عن الدماء، لماذا كل هذا الشر، لا أعرف ربما هو ديدن العوام، جُبل اجتماعُهم على الخروج بدم، إثم لا تحمله الجبال ويرفعونه فوق عواتقهم جهلاً وظلماً.

  هكذا وبنفس الطريقة، وعلى نفس النهج منذ الأزل، تندفع الجماهير عبر وسائل التواصل هذه الأيام للمطالبة بإعدام فلان، على أساس أنهم قضاة، وأن الأحكام بأيديهم، وفي الواقع سيكون الحكم معلقاً برقابهم فعلاً، فجميعنا الآن أصبح واعياً كيف يؤثر الضغط الجماهيري على نزاهة الأحكام، والقاضي في النهاية بشر، والأولى بنا أن نساعده على الحياد في بحثه وحكمه، وهي أمانة عظمى لا أشك أن القاضي يعلمها ويحسب لها ألف حساب. لكن بدلاً من ذلك نعكف على حشر أنوفنا في أمور لها أهل اختصاص، هم أولى بها، وأقدر عليها، مجرد طرح القضية بين العوام، وانبرائهم بالتحليل على غير بينة إلا من شائعات لا يعرف أحد مدى صحتها تلك جريمة، جريمة في حق القانون وفي حق أنفسنا، فما جعلت القوانين وساعات الدرس الطويلة، وملايين الأوراق، والأبحاث التي ينفق المئات أعمارهم في درسها، إلا من أجل حمايتنا من أنفسنا، وحماية المجتمع من فَتْيِنا فيما لا شأن لنا فيه، وما لا نعرفه، ولا نفهمه إلا لَمَمَا؛ فليس علينا إلا أن نعطي أهل الاختصاص فرصتهم، وعلى كل من ينشر ويبتكر الهاشتاجات المثيرة أن يذكر أن روحاً معلقة برقبته؛ فلو كان قادراً أن يحمل أمانة عظمى كتلك دون ظلم أو جهل، فليتقدم، وإلا يراعي الله في نفسه ويعود إلى رشده، فهو ونحن جميعاً مسؤولون.. المسألة ليس لعبة، والهاشتاج ليس خارج الحساب. اتقوا الله وارحموا أنفسكم.
أحمد صلاح الدين طه
20 أكتوبر 2019
 

 

 
 

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم