وظائف خالية

زوينة المغرب.. مفيش كلام

ضيوف تفتح النفس
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
التليفزيون المصري يراهن على الأبطال الحقيقيين، ويربح الرهان

زوينة المغرب.. مفيش كلام
 

  السؤال الذي سمعته كثيراً منذ عودتي من مأمورية المغرب: هل استمتعت بالرحلة.. هل وجدتها كما تصورتها؟
  وبما أن ما تصورته عن المغرب هو مجموع حكايات وصور الزملاء والأصدقاء الذهنية عنها أو خبراتهم فيها؛ وهو ما يمكن إجماله في أن المغرب هي: (الجمال، والسحر، والحشيش)، أحب أن أخبركم أن الجمال أشكال وألوان، والسحر لا يحتاجون صناعته هناك؛ فهو موجود في كل تفصيلات الحياة، ولست بحاجة إلى ساحر مغربي، ولا للشيخة فلانة المغربية لتقع في هواها وتصبح من مجاذيبها، فهي بلاد السحر والجمال دون منازع. أما الحشيش فلا تسألوني عنه، لأنني أنا أيضاً لم أبحث عنه لأني "ما باشربهوش".

  قصة الجمال في المغرب تبدأ، ولا تنتهي؛ وأنت بعد في الطائرة. شاشة طائرة مصر للطيران تنتهي من عرض فيلم طويل شيق يساهم في تمضية بعض الوقت الذي يصل إلى حوالي خمس ساعات أو يزيد، منهم ساعة سيسرقها منك فرق التوقيت، ثم مع نهاية الفيلم تبدأ في عرض خريطة لموقع الطائرة، خريطة يجاور فيها أزرق البحر المتوسط صفرة الصحراء الشاسعة، ألوان باهتة تصور لك قسوة الحياة في شمال أفريقيا، حيث الحر وقلة الماء، وبعض الحروب والتقلبات السياسية هنا وهناك، ثم فجأة؛ تنقلب الشاشة إلى اللون الأخضر الزرعي، أو البني الجبلي الذي يذكرك بشرق مصر السياحي الجميل، أو أرض الحجاز المحبوبة. هنا، تكون قد دخلت أجواء المغرب، وبدأت الطائرة تستعد للاستقرار، واستنفار مشاعر البهجة، ووهج الجمال.

  الدار البيضاء، المدينة التي سحرت عشاق الحياة، وصناع البهجة على مدار تاريخ طويل، جعلهم يصنعون عنها وفيها أفلاماً هي الأشهر عن الرومانسية والمغامرات، واسمها الغربي: (كازابلانكا)، دون جدال مدون في تاريخ أفضل وأرقى قصص السينما في تاريخها. عندما وصلناها ربما قابلتنا بعض العقبات، لولا تلك المحبة وذلك الترحاب الجم من قبل المغاربة -مسؤولين وغير مسؤولين- بنا كمصريين قبل أن نكون وفداً إعلامياً، ربما أصبح لدينا ما يزعجنا، لكن على العموم الابتسامات، والسلامات واللقاء البهيج، كل ذلك جعلنا ربما نستمتع بالمشاكل التي مرت علينا، وبصراحة أستطيع دون تردد اعتبارها أثراً من عين أصابتنا، والواضح أنني لا أستطيع أيضاً أن أعتبر هذه العين الشقية قابلتا على أرض المغرب، بل هي قادمة معنا، دون شك التصقت بحقائبنا ورفضت أن تغادرنا غير مأسوف عليها، قبل أن تعكر صفونا، وتنكد علينا. لكن لا بأس، فقد كان لدينا من الطاقة الإيجابية ما أسهم بشكل ملحوظ في تخطي ذلك.


  قصة (العكوسات) التي واجهتنا، ومن لا يصدق في قوة (القر)، لا ألومه؛ فأنا أيضا لم أتواءم مع هذه الأفكار أو التسليم بها يوماً، لكن ليس من رأى كمن سمع، ولا بد أن تقع في التجربة ليقع في يقينك أن الموضوع صحيح، وأن المسألة تتخطى فكرة خطأ في استكمال مخاطبات الجهات المختصة بالمغرب قبل مغادرة القاهرة ليتم تسهيل دخول المعدات، ثم وصولنا ليلاً، وقبل أيام إجازة الأسبوع في المملكة المغربية (السبت والأحد) مما اضطرني للسفر بالقطار بين الرباط والدار البيضاء مباشرة في يوم افتتاح بطولة الألعاب الأفريقية الثانية عشر، وهو أمر شاق خاصة عندما يكون عليك بعد أن تقطع المسافة ذهاباً وإياباً، وفي نفس الوقت تجد عليك أن تهرول مع بقية الزملاء الذين ينتظرونك في الفندق -على نار- لتلحقوا بعمل أكثر من رسالة ينتظرها زملاء آخرون متلهفون في القاهرة، لبث أكبر تغطية ممكنة للفعاليات، وتستطيع أن تدخل أرض الافتتاح بعد عناء، لأن القناة صاحبة الحقوق الحصرية تدافع حقوقها، ولا تسمح لك بسهولة أن تتجول داخل الموقع.. طبعا هذا حقها طالما لم ندفع لها، وكل ذلك لا يعد مشكلة لا تفسير لها.. هذه أشياء معقولة، يمكن تدبرها، وكان بالإمكان تجنبها بطريقة أو أخرى، لكن الغير معقول فعلاً ما حدث مع الكاميرا.

  ماحدث في الكاميرا، أو ما فعلته بنا الكاميرا كان الأكثر لامنطقية، وغرابة، وهو ما جعلني أصدق أن روحا خبيثة حلت بنا، أو جاءت إلينا موقعة بنا، ومعكرة مزاجنا، وفاتحة الباب أمام القيل والقال، والتنظير والتفلسف من قبل أشخاص ما كانوا يوما ليجرؤوا أن يقارنوا أنفسهم بنا، لأنهم أضعف وأقل من أن يفعلوها، وأعمالهم أوهن من بيت العنكبوت، وجدوها فرصة، وصيداً سهلاً -فيما يبدو انتظروه طويلاً- ليظهروا ما في نفوسهم من قبح، وليدعوا كذباً أنهم أكثر احترافية، رغم أن أحداً من المحترفين، والأساتذة الحقيقيين لن يصدق أبداً ما يوهمون به أنفسهم.


  سلوك الكاميرا كان غريباً فعلاً، بالإضافة لمشكلة بسيطة حدثت في حامل الكاميرا نتيجة الشحن، وهي مشكلة رغم بساطتها اضطرتني لعدم الاعتماد على الحامل إلا مرات معدودة طوال الرحلة، وهو ما جعل المجهود مضاعفاً، خاصة مع طبيعة العمل والسفر مسافات ومدد طويلة، وإنتاج عدة رسائل وبث مباشر على مدار اليوم، لقنوات عديدة تبدأ بثها مبكراً، بتوقيت القاهرة الذي هو مبكرٌ جداً بتوقيت الرباط، ثم تنتهي في وقت متأخر جداً سواء بتوقيت مصر أو المغرب. كل ذلك كان مفهوما، لكن أن تكون الكاميرا "تمام" في البث المباشر، لكن عند التسجيل، وبعد أن تضبط كل شيء؛ تبدأ "زي الفل" ثم تنقلب الصورة فلو (غير واضحة) فجأة ودون مقدمات، ودون أن تحدث أي تغيير، والأدهى من ذلك أن الصورة تظهر في محدد الرؤية سليمة عند التصوير، لكن عند عرضها للبث تفاجأ أنها انقلبت، أما الأسخف على الإطلاق أن ذلك حدث في لقاءين يوم الافتتاح، لم يكونا إطلاقاً مأخوذين في الحسبان، صورناهما تحصيل حاصل، لتجربة عملية البث لأننا لم يكن لدينا وقت قبل ذلك بسبب احتجاز الكاميرا في مطار كازابلانكا، واللقاءان ليسا ذوي ثقل لأنهما فعلياً تما قبل بدء الفعاليات، غير أنهما تم تداولهما بشكل مزعج، وفتحا الباب لمن يريد أن ينقد وينتقد، على كل حال أخذا العين، على الأقل عيون الخبثاء وصرفوا عنا أرواحهم الخبيثة، لتنضبط الكاميرا فجأة كما انقلبت فجأة، وتستمر في العمل الشاق عبر أيام البطولة دون مشاكل تذكر إلا في أضيق الحدود، وخلال ما يمكن عقله وتجاوزه.

  لذا ورغم كل شيءٍ، أحب أن أطمئنكم أن المغرب كانت: "زوينة" بتعبير أهلها، وبصوت الفنان الراحل محمود عبد العزيز وأدائه نقول: "مفيش كلام".
أحمد صلاح الدين طه
الجمعة 6 سبتمبر 2019



avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم