وظائف خالية

في معرض الكتاب.. ثقافة الحكومة تكسب أوهام قوة مصر الناعمة
Total online: 1
Guests: 1
Users: 0
لا تتحمس كثيراً لتطوير التليفزيون





 

  انتهى معرض الكتاب.. معرض القاهرة الدولي للكتاب.. مهرجان المثقفين، ومولد غير المثقفين، يؤمه المثقفون وأنصاف المثقفين، وأنصاف أنصاف المثقفين، وما دون ذلك، هؤلاء يرغبون في شراء ذخائر العام من الكتب وأولئك يرغبون في مجاملة أصدقائهم بحضور حفلات التوقيع والندوات، وآخرون لا يقصدون إلا الفسحة، وساندويتشات الشاورمة، والحلويات، وربما حضور بعض الأنشطة الترفيهية على هامش الزيارة.

  ليس سيئاً أن يضم المعرض كل تلك الأطياف، على العكس، منظر القاعات والممرات والحدائق المحيطة وهي مكتظة بالزوار، منظر يفتح النفس؛ ما دام لا يؤثر على الغرض الرئيسي للمعرض.. سوق الثقافة، الفن والأدب والعلم، والكتب. الكتب التي كانت حاضرة جداً؛ فدور النشر كثرت للغاية، يرى البعض أن كل مكتبة، وكل مطبعة، وكل بير سلم بين المطابع تحول لدار نشر، بل إن كل كاتب مستجد بعد أن يجابه اليأس والإحباط وخيبة الرجاء في التعامل مع دور النشر، بمجرد ما ينهي تجربة كتابه الأول يعتبر أن لديه خبرة معقولة، يستغلها في فتح دار نشر جديدة، لذلك لم تعد مشكلة الوصول لدار نشر مشكلة كما كانت يوماً لأنهم موجودون حولك في كل مكان، بل يمكنك أن تتعامل معهم عن طريق الإنترنت، لا مشكلة ما دمت ستدفع.

  المشكلة الواضحة كانت في أسعار الكتب، صحيح أن معظم الدور وكثير من المؤلفين لن يروا أن الأسعار مرتفعة، ربما معهم الحق بعض الشيء، فهم يرغبون في استعادة مصاريفهم، وبعض الربح.. إذا كان الورق غالياً، والأحبار، ومصاريف التصميم، والتشغيل عالية؛ يبدو الأمر عادلاً.. لكن عندما نقارن الأسعار بدخول عامة الشعب نجد أن في الأمر حزن.

  في الماضي، كان حل هذه المشكلة اللجوء إلى سور الأزبكية، أو القسم من المعرض المخصص للكتب القديمة، كتب ومصنفات عديدة في مختلف أنواع المعارف، وتتاح بأسعار تكاد تكون لا شيء.. هذا العام المسألة مختلفة؛ حتى مكتبات سور الأزبكية -نسبياً- مبالغ فيها خاصة إذا كانت قيمة، ورغم أنني اكتشفت بنفسي أن الفصال متاح في هذا الصنف، لكنه يبقى فصالاً محدوداً، وتظل أسعار الكتب أغلى كثيراً من المعتاد، وطبعاً لا يغيب عن أحد أن العارض يدفع مبلغاً كبيرا لإيجار المساحة التي يقف فيها، ما يعني أنه لابد يستعيدما صرفه، وسيضيفه دون شك لقيمة الكتب (مادياً).

  في أجنحة المؤسسات القومية (الحكومية) كانت المسألة مختلفة، خاصة الهيئة العامة للكتاب -ربة المعرض- وهيئة قصور الثقافة، وجناح أكاديمية الفنون، ودار المعارف، والهلال، والأهرام، وأخبار اليوم.. بسعر كتاب واحد، كرواية لكاتب جديد، في دار نشر خاصة تستطيع شراء مكتبة كاملة من الكتب القيمة من هيئة الكتاب، مثلاً وجدت كتاب دكتور ثروت عكاشة الغني عن التعريف: "مولع حذر بفاجنر"، السعر على غلاف الكتاب 2800، قلت بيني ونفسي هذا مبالغ فيه، ألفان وثمانمائة جنيه؛ الكتاب عندي بصيغة بي دي إف، كنت أرغب في شراء نسخة ورقية فقط، لكنني اندهشت أكثر عندما اكتشفت أن السعر مكتوب بالقرش.. هرولت إلى أحد الموظفين المسؤولين عن البيع، وسألته: "سعر الكتب هو الموجود على الغلاف؟". تصورت أنه سينفي، وسيخبرني أن ذلك سعر قديم، ولا أحد يتعامل بالقرش حالياً، وربما سيسخر منى ومن سذاجة تفكيري، لكنه فاجأني بأن ما قرأته صحيح، فجذبت من المكتبة كتاب مولع بفاجنر.. الكتاب الأصلي الذي كتبه برنارد شو، ونقله إلى العربية دكتور ثروت عكاشة أيضاً، فوجدت أن هذا الكتاب القيم النادر سعره فقط ثمانية جنيهات وربع، معقول، نعم، وعين العقل أيضاً، فمن غير المؤسسات الحكومية يمكنه القيام بهذه المهمة لدعم عقل المواطن المصري، والأخذ بيده بعيداً عن مغريات الثقافة الرخيصة، إذا جاز التعبير.

  مع أني شخصياً (انبسطت) بهذه الأسعار، إلا أن شيئاً على الهامش نرفزني، وعصبني، وأثار سخطي.. النظام، النظام، النظااام؛ ليس حضوره المبالغ فيه بل غيابه، معظم الدور والمؤسسات الحكومية لم تبوب المعروضات بشكل يسمح بسلاسة مرور الرواد، وسهولة الوصول إلى الكتب، مع الأخذ في الاعتبار الازدحام الشديد في صالات العرض، مما لم يسمح لي شخصياً بالوصول بسهولة إلى فروع المعرفة التي تهمني، وحتى لم أستطع الوصول لكتب كنت أنوي شراءها، وأعرف أنها موجودة، لكن أين وكيف!!

  أيضاً كنت أود أن يوفر المعرض عربات صغيرة، حمالة كتب صغيرة بعجلتين، ولو بالإيجار ليتمكن الرواد من البحث عن كتبهم التي يرغبون في شرائها دون أن تعيقهم حمولة الكتب التي اشتروها فعلاً، ويا سلاااام لو وفروا طريقة للوصول إلى مواقف السيارات التي كانت بعيدة جداً وليست معدة بشكل جيد  لتسهيل الحركة داخلها ومنها وإليها.

  وعلى أي حال معرض ناجح، وإقبال جماهيري مبهر، وكل عام وأنتم بخير.
أحمد صلاح الدين طه
dedalum.info@gmail.com
5 فبراير 2020







 


 








أخبار أخرى قد تهمك

 

 

 

 


 




قد يهمك قراءة الموضوعات التالية:

 

 


 

للمزيد تابعنا على: يوتيوب .. تويتر .. إنستجرام .. صفحة فيس بوك .. واتساب .. مدونة ديدالوم .. مجموعة ديدالوم للتواصل .. موقع ديدالوم الرسمي









 

لا تنس الاشتراك في قناتنا على يوتيوب لمتابعة المزيد



 

avatar

الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
 

لنشر مقالك هنا.. اضغط اللنك 


إذا لم تكن عضواً في ديدالوم سجل الآن، اضغط هناااا

 
    أضف خبرًا فنيًا         أكتب مقالا على ديدالوم